قال المصنف رحمه الله (ولا يجوز مبايعة من يعلم أن جميع ماله حرام لما روى أبو مسعود البدري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن حلوان الكاهن ومهر البغي * وعن الزهري (في امرأة زنت بمال عظيم قال لا يصلح لمولاها أكله لان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن مهر البغي) فإن كان معه حلال وحرام كره مبايعته والاخذ منه لما روى النعمان بن بشير قال (سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول الحلال بين والحرام بين وبين ذلك أمور مشتبهات وسأضرب لكم في ذلك مثلا ان الله تعالى حمى حمى وان حمى الله حرام وان من يرعى حو الحمى يوشك ان يخالط الحمي) وان بايعه وأخذ منه جاز لأن الظاهر مما في يده انه له فلا يحرم الاخذ منه) (شرح) الخلط في البلد حرام لا ينحصر بحلال لا ينحصر لم يحرم الشراء منه بل يجوز الاخذ منه إلا أن يقترن بتلك العين علامة تدل على أنها من الحرام فإن لم يقترن فليس بحرام ولكن تركه ورع محبوب وكلما كثر الحرام تأكد الورع * ولو اعتلفت الشاة علفا حراما أو رعت في حشيش حرام لم يحرم لبنها ولحمها ولكن تركه ورع لان اللحم واللبن ليس هو عين العلف * ولو امتنع من أكل طعام حلال لكونه حمله كافر أو فاسق بالزنا أو بالقتل ونحوه لم يكن هذا ورعا بل هو وسواس وتنطع مذموم * ولو اشترى طعاما في الذمة وقضى ثمنه من حرام نظر ان سلم البائع إليه الطعام قبل قبض الثمن بطيب قلبه فاكله قبل قضاء الثمن فهو حلال بالاجماع ولا يكون تركه ورعا مؤكدا ثم إن قضى الثمن بعد الاكل فأداه من الحرام فكأنه لم يقضه فيبقى الثمن في ذمته ولا ينقلب ذلك الطعام المأكول حراما فان أبرأه البائع من الثمن مع علمه بأنه حرام برئ المشترى وان أبرأه ظانا حل الثمن لم تحصل البراءة لأنه إنما أبرأه براءة استيفاء ولا تحصل بذلك الاستيفاء * وان لم يسلم إليه بطيب قلبه بل أخذه المشترى قهرا فأكله فالاكل حرام سواء أكله قبل توفية الثمن أو بعد توفيته من الحرام لان للبائع حق حبس المبيع حتى يقبض الثمن على الصحيح فيكون عاصيا بأكله كعصيان الراهن إذا أكل الطعام المرهون بغير اذن المرتهن وهو أخف تحريما
(٣٤٣)