عن الكسب مثل من يتولى أمرا تتعدى مصلحته إلى المسلمين ولو اشتغل بالكسب لتعطل عليه ما هو فيه فله في بيت المال كفايته فيدخل فيه جميع أنواع علماء الدين كعلم التفسير والحديث والفقه والقراءة ونحوها ويدخل فيه طلبة هذه العلوم والقضاة والمؤذنون والأجناد ويجوز أن يعطى هؤلاء مع الغني ويكون قدر العطاء إلى رأى السلطان وما تقتضيه المصلحة ويختلف بضيق المال وسعته * (فرع) قال الغزالي لو لم يدفع السلطان إلى كل المستحقين حقوقهم من بيت المال فهل يجوز لآحادهم أخذ شئ من بيت المال قال فيه أربعة مذاهب (أحدها) لا يجوز أخذ شئ أصلا ولا حبة لأنه مشترك ولا يدرى حصته منه حبة أو دانق أو غيرهما فهذا غلو (والثاني) يأخذ كل يوم قوت يومه فقط (والثالث) يأخذ كفايته سنة (والرابع) يأخذ ما يعطى وهو حصته والباقون يظلمون قال الغزالي وهذا هو القياس لان المال ليس مشتركا بين المسلمين كالغنيمة بين الغانمين والميراث بين الورثة لان ذلك ملك لهم حتى لو ماتوا قسم بين ورثتهم وهنا لو مات لم يستحق وارثه إرث شئ وهذا إذا صرف إليه ما يليق صرفه إليه * (فرع) قال الغزالي إذا بعث السلطان إلى إنسان مالا ليفرقه على المساكين فان عرف ان ذلك المال مغصوب لانسان بعينه لم يجز له أخذه وتفرقته لكن يكره ذلك أن قارنته مفسدة بحيث يغتر به جهال ويعتقدون طيب أموال السلطان أو يجب بقاء ذلك السلطان مع ظلمه قال وينبغي أن يتجنب معاملة السلطان وعلمائه وأعوانه وعمالهم * (فرع) قال الغزالي الأسواق التي بناها السلاطين بالأموال الحرام تحرم التجارة فيها وسكناها فان سكنها بأجرة وكسب شيئا بطريق شرعي كان عاصيا بسكناه ولا يحرم كسبه وللناس أن يشتروا منه ولكن ان وجدوا سوقا أخرى فالشراء منها أولى لأن الشراء من الأولى إعانة لسكانها وترغيب في سكناها وكثرة أجرتها والله سبحانه وتعالى أعلم * (فرع) قال الغزالي لو كان في يده مال مغصوب من الناس معين فاختلط بماله ولم يتميز وأراد التوبة فطريقه أن يترضى هو وصاحب المغصوب بالقسمة فان امتنع المغصوب منه من ذلك رفع التائب الامر إلى القاضي ليقبض عنه فإن لم يجد قاضيا حكم رجلا متدينا لقبض ذلك فان عجز تولى هو بنفسه ذلك ويعزل قدر ذلك فيه الصرف إلى المغصوب منه سواء كان دراهم
(٣٥٠)