وآخرون من أصحاب المختصرات وشذ عنهم الجرجاني في التحرير فقال الأصح انه حلال والصواب تصحيح التحريم والله تعالى أعلم * واحتج من قال بالإباحة بحديث أبي ثعلبة وأجاب عن حديث عدى بأنه محمول على كراهة التنزيه * واحتج من قال بالتحريم بقوله تعالى (فكلوا مما أمسكن عليكم) فإذا أكل منه لم يتيقن أنه أمسك علينا ولم يحل لنا الا ما تيقنا أنه أمسك علينا بحديث عدى قالوا وهو أصح لأنه مشهور في الصحيحين وغيرهما من طرق متكاثرات وحديث أبي ثعلبة لا يقارنه في الصحة وإن كان حسنا وتأوله بعض أصحابنا على ما إذا قتل الصيد وفارقه ثم عاد فأكل منه فهذا لا يضر كما ذكرنا وتأوله الخطابي في معالم السنن على أن المراد وإن أكل من الصيود الماضية قبل هذا. يعني إذا كان قد صار بعد ذلك معلما وهذا تأويل ضعيف والله أعلم * هذا كله في جوارح السباع كالكلب والفهد والنمر وغيرها (فأما) جوارح الطير فقد نص الشافعي رحمه الله أنها كالسباع على القولين وللأصحاب طريقان (أصحهما) وبه قطع جمهورهم أنها على القولين كالسباع وهذا موافق للنص (والثاني) يحل ما أكلت منه قولا واحدا قاله المزني وأبو علي الطبري في الافصاح وآخرون وحكاه جماعات من المصنفين قال القاضي أبو الطيب هذا الطريق غلط مخالف لنص الشافعي وقد ذكر المصنف دليل الطريقين في الكتاب والله سبحانه أعلم * (فرع) قال أصحابنا وإذا قلنا بتحريم الصيد الذي أكل واشترط استئناف التعليم لفساد التعليم الأول قال أصحابنا ولا ينعطف التحريم على ما اصطاده قبل الاكل وهذا لا خلاف فيه عندنا واتفق أصحابنا على التصريح بأنه لا خلاف فيه عندنا قال أصحابنا الخراسانيون ولو تكرر أكله من الصيود بعد ذلك وصار الاكل عادة له حرم الصيد الذي أكل منه آخرا بلا خلاف وفى تحريم باقي الصيود الذي أكل منه قبل الأخير وجهان مشهوران عندهم (أصحهما) التحريم قال البغوي إذا قلنا لا يحرم ما أكل منه فلو تكرر ذلك منه بأن أكل من الصيد الثاني حرم الثاني قطعا وفى الأول الوجهان ولو لم يأكل من الثاني فأكل من الثالث حرم الثالث وفيما قبله الوجهان قال الرافعي وهذا ذهاب من البغوي إلى أن الاكل مرتين يخرجه عن كونه معلما وقد ذكرنا
(١٠٦)