يحمل حديث (ان الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم) فهو حرام عند وجود غيره وليس حراما إذا لم يجد غيره * قال أصحابنا وإنما يجوز ذلك إذا كان المتداوي عارفا بالطب يعرف أنه لا يقوم غير هذا مقامه أو أخبره بذلك طبيب مسلم عدل ويكفى طبيب واحد صرح به البغوي وغيره فلو قال الطبيب يتعجل لك به الشفاء وان تركته تأخر ففي اباحته وجهان حكاهما البغوي ولم يرجح واحدا منهما وقياس نظيره في التيمم أن يكون الأصح جوازه (أما) الخمر والنبيذ وغيرهما من المسكر فهل يجوز شربها للتداوي أو العطش فيه أربعة أوجه مشهورة (الصحيح) عند جمهور الأصحاب لا يجوز فيهما (والثاني) يجوز (والثالث) يجوز للتداوي دون العطش (والرابع) عكسه قال الرافعي الصحيح عند الجمهور لا يجوز لواحد منهما ودليله حديث وائل بن حجر رضي الله عنه (أن طارق بن سويد الجعفي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر فنهاه أو كره أن يصنعها فقال إنما أصنعها للدواء فقال إنه ليس بدواء ولكنه داء) رواه مسلم في صحيحه واختار امام الحرمين والغزالي جوازها للعطش دون التداوي والمذهب الأول وهو تحريمها لهما وممن صححه المحاملي وسأورد دليله قريبا إن شاء الله تعالى فان جوزنا شربها للعطش وكان معه خمر وبول لزمه شرب البول وحرم الخمر لان تحريم الخمر أخف قال أصحابنا فهذا كمن وجد بولا وماء نجسا فإنه يشرب الماء النجس لان نجاسته طارئة وفى جواز التبخر بالند المعجون بالخمر وجهان بسبب دخانه (أصحهما) جوازه لأنه ليس دخان نفس النجاسة والله أعلم * (فرع) قد ذكرنا أن المذهب الصحيح تحريم الخمر للتداوي والعطش وان امام الحرمين والغزالي اختارا جوازها للعطش قال امام الحرمين الخمر يسكن العطش فلا يكون استعمالها في حكم العلاج قال ومن قال إن الخمر لا يسكن العطش فليس على بصيرة ولا يعد قوله مذهبا بل هو غلط ووهم بل معاقر الخمر يجتزى بها عن الماء هذا كلامه وليس كما ادعى بل الصواب المشهور عن الشافعي وعن الأصحاب والأطباء انها لا تسكن العطش بل تزيده والمشهور من عادة شربة الخمر أنهم يكثرون شرب الماء وقد نقل الروياني أن الشافعي رحمه الله نص
(٥١)