أو حبا أو ذهبا أو غيره من نحو ذلك فإذا فعل ذلك حل له الباقي فلو أراد أن يأكل من ذلك المختلط وينفق منه قبل تمييز قدر المغصوب فقد قال قائلون يجوز ذلك ما دام قدر المغصوب باقيا ولا يجوز أخذ الجميع وقال آخرون لا يجوز له أخذ شئ منه حتى يميز قدر المغصوب بنية الابذال والتوبة * (فرع) من ورث مالا ولم يعلم من أين كسبه مورثه أمن حلال أم حرام ولم تكن علامة فهو حلال باجماع العلماء فان علم أن فيه حراما وشك في قدره اخرج قدر الحرام بالاجتهاد * (فرع) قال الغزالي إذا كان معه مال حرام وأراد التوبة والبراءة منه فإن كان له مالك معين وجب صرفه إليه أو إلى وكيله فإن كان ميتا وجب دفعه إلى وارثه وإن كان لمالك لا يعرفه ويئس من معرفته فينبغي أن يصرفه في مصالح المسلمين العامة كالقناطر والربط والمساجد ومصالح طريق مكة ونحو ذلك مما يشترك المسلمون فيه والا فيتصدق به على فقير أو فقراء وينبغي أن يتولى ذلك القاضي إن كان عفيفا فإن لم يكن عفيفا لم يجز التسليم إليه فان سلمه إليه صار المسلم ضامنا بل ينبغي أن يحكم رجلا من أهل البلد دينا عالما فان التحكم أولى من الانفراد فان عجز عن ذلك تولاه بنفسه فان المقصود هو الصرف إلى هذه الجهة وإذا دفعه إلى الفقير لا يكون حراما على الفقير بل يكون حلالا طيبا وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إذا كان فقيرا لان عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم بل هم أولى من يتصدق عليه وله هو ان يأخذ منه قدر حاجته لأنه أيضا فقير وهذا الذي قاله الغزالي في هذا الفرع ذكره آخرون من الأصحاب وهو كما قالوه ونقله الغزالي أيضا عن معاوية بن أبي سفيان وغيره من السلف عن أحمد بن حنبل والحارث المحاسبي وغيرهما من أهل الورع لأنه لا يجوز اتلاف هذا المال ورميه في البحر فلم يبق إلا صرفه في مصالح المسلمين والله سبحانه وتعالى أعلم * (فرع) قال الغزالي إذا وقع في يده مال حرام من يد السلطان قال قوم يرده إلى السلطان فهو أعلم بما يملك ولا يتصدق به واختار الحارث المحاسبي هذا وقال آخرون يتصدق به إذا علم أن السلطان لا يرده إلى المالك لان رده إلى السلطان تكثير للظلم قال الغزالي والمختار أنه ان علم أنه لا يرده على مالكه فيتصدق به عن مالكه (قلت) المختار أنه إن علم أن السلطان يصرفه في مصرف باطل أو ظن ذلك ظنا ظاهرا لزمه هو أن يصرفه في مصالح المسلمين مثل القناطر وغيرها فان عجز عن ذلك أو شق عليه لخوف أو غيره تصدق به على الأحوج فالأحوج وأهم المحتاجين ضعاف
(٣٥١)