الموضع فان جاوزه غير محرم لزمه الدم كما يلزمه بمجاوزة الميقات الشرعي وإن كان أحرم في الأداء بعد مجاوزة الميقات الشرعي نظر ان جاوزه مسيئا لزمه في القضاء الاحرام من الميقات الشرعي وليس له أن يسئ ثانيا وهذا مما يدخل في قول الأصحاب يحرم في القضاء من أبعد الموضعين وان جاوزه غير مسئ بأن لم يرد النسك ثم بدا له بعد مجاوزته فأحرم ثم أفسده فوجهان (أصحهما) وبه قطع البغوي وغيره يلزمه ان يحرم في القضاء من الميقات الشرعي (والثاني) له ان يحرم من ذلك الموضع ليسلك بالقضاء مسلك الأداء ولهذا لو اعتمر من الميقات ثم أحرم بالحج من مكة وأفسده كفاه في القضاء ان يحرم بالحج من نفس مكة بلا خلاف وكذا لو أفرد الحج ثم أحرم بالعمرة من أدنى الحل ثم أفسدها كفاه ان يحرم في قضائها من أدنى الحل بلا خلاف * قال الرافعي وغيره والوجهان فيمن لم يرجع في الأداء إلى الميقات اما من كان رجع ثم عاد فيلزمه في القضاء الاحرام من الميقات وجها واحدا والله أعلم * واتفق أصحابنا على أنه لا يلزمه في القضاء الطريق الذي سلكه في الأداء بل سلوك طريق آخر ولكن بشرط أن يحرم من قدر مسافة لاحرام في الأداء * واتفق أصحابنا على أنه لا يجب ان يحرم في القضاء في الزمن الذي أحرم منه في الأداء بل له التأخير عنه بخلاف المكان الذي أحرم منه في الأداء وممن صرح بالمسألة القاضي حسين والبغوي والرافعي وفرقوا بأن اعتناء الشرع بالميقات المكاني أكمل ولهذا يتعين مكان الاحرام بالنذر ولا يتعين زمانه بالنذر حتى لو نذر الاحرام في شوال له تأخيره هكذا ذكر هذا الاستشهاد القاضي حسين والرافعي وغيرهما قال القاضي وهو استشهاد مشكل لان طول الاحرام عبادة وما كان عبادة لزمه بالنذر قال وأصل هذه المسألة انه لو نذر الصوم في أيام طوال له ان يصوم في قصار ولو نذر ان يصوم أطول أيام السنة لزمه لأنه متعين وكذا قال الرافعي وأظن هذا الاستشهاد لا يخلوا من نزاع والله أعلم *
(٣٩٠)