فأذكر إن شاء الله تعالى مقاصد ما ذكروه مختصرة قال الشافعي والأصحاب يجوز الاستئجار على الحج وعلى العمرة لدخول النيابة فيهما كالزكاة ويجوز بالبذل كما يجوز بالإجارة وهذا لا خلاف فيه صرح به القاضي أبو الطيب في المجرد والصحاب قالوا وذلك بأن يقول حج عنى وأعطيك نفقتك أو كذا وكذا وإنما يجوز الاستئجار حيث تجوز النيابة وإنما تجوز في صورتين في حق الميت وفى المعضوب كما سبق بيانه وأجرة الحج حلال من أطيب المكاسب * (فرع) الاستئجار في جميع الأعمال ضربان (أحدهما) استئجار عين الشخص (والثاني) الزام ذمته العمل مثال الأول من الحج أن يقول المعضوب استأجرتك أن تحج عن ميتي ولو قال أحجج بنفسك كان تأكيدا (ومثال الثاني) ألزمت ذمتك تحصيل الحج لي أو له ويفترق النوعان في أمور ستراها إن شاء الله تعالى ثم لصحة الاستئجار شروط وآثار وأحكام موضعها كتاب الإجارة والذي نذكر هنا ما يتعلق بخصوص الحج قال أصحابنا وكل واحد من ضربي الإجارة قد يعين فيه زمن العمل وقد لا يعين وإذا عين فقد تعين السنة الأولى وقد تعين غيرها فأما في إجارة العين فان عينا السنة الأولى جاز بشرط أن يكون الخروج والحج فيما بقي منها مقدورا للأجير فلو كان مريضا لا يمكنه الخروج أو كان الطريق غير آمن أو كانت المسافة بعيدة بحيث لا تنقطع في بقية السنة لم يصح العقد للعجز عن المنفعة فان عينا غير السنة الأولى لم يصح العقد كاستئجار الدار للشهر المستقبل قال أصحابنا إلا أن تكون المسافة بعيدة بحيث لا يمكن قطعها في سنة فلا يضر التأخير ولكن يشترط السنة الأولى من سنى الامكان فيعتبر فيها ما سبق (وأما) الإجارة الواردة على الذمة فلا يشترط فيها السنة الأولى بل يجوز تعين السنة الأولى وتعين غيرها فان عين الأولى أو غيرها تعينت وإن أطلق حمل على الأولى ولا يقدح في هذه الإجارة مرض الأجير ولا خوف الطريق لامكان الاستنابة في هذه الإجارة ولا يقدح فيها أيضا ضيق الوقت ان عين غير السنة الأولي قال أصحابنا وليس للأجير في إجارة العين أن يستنيب بحال وأما في إجارة الذمة فقد أطلق الجمهور أن له الاستنابة وقال الصيدلاني والبغوي وآخرون ان قال ألزمت ذمتك تحصيل حجة لي جاز أن يستنيب وان قال أحجج بنفسك لم يجز أن يستنيب بل يلزمه أن يحج بنفسه لان الغرض يختلف باختلاف أعيان الاجراء وحكى امام الحرمين هذا الفصل عن الصيدلاني وخطأه
(١٢٠)