انا قد تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أجل ولكنا كنا خائفين) رواه مسلم وأراد بكنا خائفين عمرة القضاء وكانت سنة سبع من الهجرة قبل الفتح وعن أبي ذر قال (كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة) رواه مسلم * قال البيهقي إنما أراد فسخهم الحج إلى العمرة وهو ان بعض الصحابة أهل بالحج ولم يكن معه هدى فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يجعلوه عمرة لينقض بذلك عادتهم في تحريم العمرة في أشهر الحج وهذا لا يجوز اليوم وقد جاء في رواية ابن عباس وغيره ما دل على ذلك * وعن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن سليمان ابن الأسود ان أبا ذر رضي الله عنه كأن يقول وفي حج ثم فسخها بعمرة ولم يكبر ذلك الا الركب الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) رواه أبو داود ولكنه ضعيف لان محمد بن إسحاق صاحب المغازي هذا مدلس وقد قال (عن) وقد اتفق العلماء على أن المدلس إذا قال (عن) لا يحتج بروايته * وعن ابن مسعود قال (الحج أشهر معلومات ليس فيها عمرة) * قال البيهقي وكراهة من كره ذلك أظنها على الوجه الذي ذكرناه عن ابن عمر عن عمر وقد روى عن الأسود عن ابن مسعود قال (أحب أن يكون لكل واحد منهما (1) قال البيهقي فثبت بالسنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جواز التمتع والقران والافراد وثبت بمضي النبي صلى الله عليه وسلم في حج مفرد ثم باختلاف الصدر الأول في كراهة التمتع والقران دون الافراد كون افراد الحج عن العمرة أفضل والله أعلم * (فرع) في طريق الجمع بين هذه الأحاديث الصحيحة على الوجه الذي تقتضيه طرقها * قد سبق في هذه الأحاديث الصحيحة أن من الصحابة من روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في حجة الوداع مفردا (ومنهم) من روى أنه كان قارنا (ومنهم) من روى أنه كان متمتعا وكله في الصحيح وهي قصة واحدة فيجب تأويل جميعها ببعضها والجمع بينها وصنف ابن حزم الظاهري كتابا فيها حاصله أنه اختار القران وتأول باقي الأحاديث وتأويل بعضها ليس بظاهر فيما قاله (والصواب) الذي نعتقده انه صلى الله عليه وسلم أحرم أولا بالحج مفردا ثم ادخل عليه العمرة فصار قارنا وادخال العمرة على الحج جائز على أحد القولين عندنا وعلى الأصح لا يجوز لنا وحاز للنبي صلى الله عليه وسلم تلك السنة للحاجة وأمر به في قوله (لبيك عمرة في حجة) كما سبق * فإذا عرفت ما قلناه سهل الجمع بين الأحاديث (فمن) روى أنه صلى الله عليه وسلم كان مفردا وهم الأكثرون كما سبق أراد أنه أعمر أول الاحرام (ومن)
(١٥٩)