ولو صح لكان قول صحابي لم يشتهر فلا حجة فيه على الصحيح ولو صح واشتهر لكان محمولا على من كان متلبسا بالحج (واما) قولهم إنها أيام الحج فكرهت فيها العمرة فدعوى باطلة لا شبهة لها * (فرع) في مذاهبهم في تكرار العمرة في السنة * مذهبنا أنه لا يكره ذلك بل يستحب وبه قال أبو حنيفة وأحمد وجمهور العلماء من السلف والخلف وممن حكاه عن الجمهور الماوردي والسرخسي والعبد رى وحكاه ابن المنذر عن علي بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس وأنس وعائشة وعطاء وغيرهم رضي الله عنهم وقال الحسن البصري وابن سيرين ومالك تكره العمرة في السنة أكثر من مرة لأنها عبادة تشتمل على الطواف والسعي فلا تفعل في السنة إلا مرة كالحج * واحتج الشافعي والأصحاب وابن المنذر وخلائق بما ثبت في الحديث الصحيح (أن عائشة رضي الله عنها أحرمت بعمرة عام حجة الوداع فحاضت فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم ان تحرم بحج ففعلت وصارت قارنة ووقفت المواقف فلما طهرت طافت وسعت فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم قد حللت من حجك وعمرتك فطلبت من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن يعمرها عمرة أخرى فاذن لها فاعتمرت من التنعيم عمرة أخرى) رواه البخاري ومسلم مطولا ونقلته مختصرا قال الشافعي وكانت عمرتها في ذي الحجة ثم أعمرها العمرة الأخرى في ذي الحجة فكان لها عمرتان في ذي الحجة وعن عائشة أيضا (انها اعتمرت في سنة مرتين أي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم) وفي رواية ثلاث عمر وعن ابن عمر أنه اعتمر أعواما في عهد ابن الزبير مرتين في كل عام ذكر هذه الآثار كلها الشافعي ثم البيهقي بأسانيدهما (وأما الحديث الذي ذكره المصنف فليس فيه دلالة ظاهرة لأنها لم تقل اعتمر في ذي القعدة وشوال من سنة واحدة * واحتج أصحابنا أيضا في المسألة بحديث أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما) رواه البخاري ومسلم وسبق ذكره في أول كتاب الحج ولكن ليست دلالته ظاهرة وإن كان البيهقي وغيره قد احتجوا به وصدر به البيهقي الباب فقال بعض أصحابنا وجه دلالته أنه صلى الله عليه وسلم لم يفرق بين كون العمرتين في سنة أو سنتين وهذا تعليق ضعيف * واحتج أيضا بالقياس على الصلاة فقالوا عبادة غير مؤقتة فلم
(١٤٩)