ويجتهد فيحرم من الموضع الذي يغلب على ظنه انه حذو أقرب المواقيت إليه قالوا ويستحب أن يستظهر حتى يتيقن انه قد حاذى الميقات أو فوقه وأشار القاضي أبو الطيب في تعليقه إلى وجوب هذا الاستظهار والمذهب استحبابه والله أعلم * (وأما) إذا أتى من ناحية ولم يمر بميقات ولا حاذاه فقال أصحابنا لزمه أن يحرم على مرحلتين من مكة اعتبارا بفعل عمر رضي الله عنه في توقيته ذات عرق * (فرع) قال أصحابنا ان سلك طريقا لا ميقات فيه لكن حاذى ميقاتين طريقه بينهما فان تساويا في المسافة إلى مكة فميقاته ما يحاذيهما وإن تفاوتا فيها وتساويا في المسافة إلى طريقه فوجهان (أحدهما) يتخير إن شاء أحرم من المحاذي لأبعد الميقاتين وإن شاء لأقربهما (وأصحهما) يتعين محاذاة أبعدهما وقد يتصور في هذا القسم محاذاة ميقاتين دفعة واحدة وذلك بانحراف أحد الطريقين والتوائه أو لوعورة وغيرها فيحرم من المحاذاة وهل هو منسوب إلى أبعد الطريقين أو أقربهما فيه وجهان حكاهما امام الحرمين وغيره قال وفائدتهما انه لو جاوز موضع المحاذاة بغير احرام وانتهى إلى موضع يفضي إليه طريقا الميقاتين وأراد العود لرفع الإساءة ولم يعرف موضع المحاذاة هل يرجع إلى هذا الميقات أم إلى ذاك ولو تفاوتا الميقاتان في المسافة إلى مكة وإلى طريقه فهل الاعتبار بالقرب إليه أم إلى مكة فيه وجهان (أصحهما) إليه والله أعلم * * قال المصنف رحمه الله * (ومن كان داره فوق الميقات فله أن يحرم من الميقات وله أن يحرم من فوق الميقات لما روى عن عمر وعلي رضي الله عنهما انهما قالا (اتمامهما ان تحرم بهما من دويرة أهلك) وفى الأفضل قولان (أحدهما) أن الأفضل ان يحرم من الميقات لان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرم من ذي الحليفة ولم يحرم من المدينة ولأنه إذا أحرم من بلده لم يأمن أن يرتكب محظورات الاحرام وإذا أحرم من الميقات أمن ذلك فكان الاحرام من الميقات أفضل (والثاني) أن الأفضل ان يحرم من داره لما روت أم سلمة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ووجبت له الجنة))
(١٩٩)