وترتيب مختلفها والجمع بينها وأنها غير متضادة بل يجمع بينها * هذا كلام الماوردي وقال القاضي حسين وإنما استيسر الخلاف فيه لان الأنواع الثلاثة منصوص عليها في القرآن وكلها منقولة عنه صلى الله عليه وسلم صحيحة عنه وكلها جائزة بالاجماع (أما) الافراد فبين في قوله تعالى (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) (وأما) التمتع ففي قوله تعالى (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي) (وأما) القران ففي قوله تعالى (وأتموا الحج والعمرة لله) هذا كلام القاضي حسين وفى الاستدلال بهذه الأخيرة للقران نظر وقد استدل بها أصحاب أبي حنيفة لمذهبهم في ترجيح القران وأنكر ذلك أصحابنا وقالوا لا دلالة في الآية للقران لأنه ليس في الآية أكثر من جمع الحج والعمرة في الذكر ولا يلزم من ذلك جمعهما في الفعل نظيره قوله تعالى (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) وقال القاضي أبو الطيب في تعليقه في شرح كلام الشافعي هذا وقوله وإن كان الغلط فيه قبيحا يعنى اختلافهم فيها قبيح قال ثم عذرهم في ذلك فإنه قد كان ثبت عندهم أن الافراد والتمتع والقران كلها جائزة لم يهتموا بما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم بحيث يعلمونه علما قطعيا ويتفقون عليه بل اقتصر كل واحد على ما غلب على ظنه كما رواه وتسمعه منه مع أمور فوق ظنه في روايته والله أعلم * (فرع) أذكر فيه إن شاء الله تعالى جملة من الأحاديث الصحيحة في الافراد والتمتع والقران (فأما) جوازها كلها ففيه حديث عائشة رضي الله عنها قالت (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج وعمرة ومنا من أهل بحج وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج) رواه البخاري ومسلم وفى رواية لمسلم (منا من أهل بالحج مفردا ومنا من قرن ومنا من تمتع) (وأما) ترجيح الافراد فثبت في الصحيح من رواية جابر وابن عمر وابن عباس وعائشة (فأما) حديث عائشة فقد سبق الآن في قولها (وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج) رواه البخاري ومسلم وفى رواية لمسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد الحج) وفي رواية له أيضا عنها (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بالحج مفردا) وفى رواية البخاري ومسلم قالت (خرجنا مع رسول الله تعالى عليه وسلم لا يذكر لنا الحج فلما جئنا سرف طمثت وذكرت تمام الحديث إلى قولها ثم رجعوا مهلين بالحج يعنى إلى منى) (وأما) حديث ابن عمر فعن بكر بن عبد الله المزني عن انس قال (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي بالحج والعمرة جميعا قال بكر فحدثت
(١٥٣)