روى أنه كان قارنا أراد أنه اعتمر آخره وما بعد احراه (ومن) روى أنه كان متمتعا أراد التمتع اللغوي وهو الانتفاع والالتذاذ وقد انتفع بان كفاه عن النسكين فعل واحد ولم يحتج إلى إفراد كل واحد بعمل ويؤيد هذا الذي ذكرته أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر تلك السنة عمرة مفردة لا قبل الحج ولا بعده وقد قدمنا ان القران أفضل من أفراد الحج من غير عمرة بلا خلاف ولو جعلت حجته صلى الله عليه وسلم مفردة لزم منه أن لا يكون اعتمر تلك السنة ولم يقل أحد ان الحج وحده أفضل من القران وعلى هذا الجمع الذي ذكرته ينتظم الأحاديث كلها في حجته صلى الله عليه وسلم في نفسه (وأما) الصحابة فكانوا ثلاثة أقسام (قسم) أحرموا بحج وعمرة أو بحج ومعهم هدي فبقوا عليه حتى تحللوا منه يوم النحر (وقسم) بعمرة فبقوا في عمرتهم حتى تحللوا قبل يوم عرفة ثم أحرموا بالحج من مكة (وقسم) بحج وليس معه هدي فيها ولا أمرهم صلى الله عليه وسلم أن يقلبوا حجهم عمرة وهو معنى فسخ الحج إلى العمرة وعلى هذا تنتظم الروايات في احرام الصحابة (فمن) روى أنهم كانوا قارنين أو متمتعين أو مفردين أراد بعضهم وهم الطائفة الذين علم ذلك منهم وظن أن الباقين مثلهم فهذا الذي ذكرته من الجمع والتأويل هو المعتمد وحاصله ترجيح الافراد لان النبي صلى الله عليه وسلم اختاره أولا وإنما ادخل عليه العمرة لتلك المصلحة السابقة وهي بيان جواز الاعتمار في أشهر الحج وكانت العرب تعتقد أن ذلك من أفجر الفجور فأراد بيانه في تلك السنة التي جمعت من الخلق ما لم يجتمع قبلها مثلها ليظهر فيهم ذلك ويشتهر جوازه وصحته عند جمعهم وإن كان صلى الله عليه وسلم قد اعتمر قبل ذلك مرات في أشهر الحج إلا أنها لم تشتهر اشتهار هذه (1) في حجة الوداع ولا قريبا منها وكل هذا لا يخرج الافراد عن كونه الأفضل وتأول جماعة من أصحابنا الأحاديث التي جاءت انه صلى الله عليه وسلم كان متمتعا أو قارنا انه امر بذلك كما قالوا رجم ما عزا أي امر برجمه وهذا ضعيف برده صريح الروايات الصحيحة السابقة بل الصواب ما قدمته قريبا والله أعلم * (فرع) قال الإمام أبو سليمان الخطابي طعن جماعة من الجهال وكفرة من الملحدين في الأحاديث والرواة حيث اختلفوا في حجة النبي صلى الله عليه وسلم هل كان مفردا أو متمتعا أو قارنا وهي
(١٦٠)