(فرع) قال الرافعي حكم المجنون حكم الصبي الذي لا يميز في جميع ما سبق قال ولو خرج الولي بالمجنون بعد استقرار فرض الحج عليه وأنفق على المجنون من ماله نظر إن لم يفق حتى فات الوقوف غرم الولي زيادة نفقة السفر وان أفاق وأحرم وحج فلا غرم لأنه قضي ما عليه ويشترط إفاقته عند الاحرام والوقوف والطواف والسعي ولم يتعرض الأصحاب لحالة الحلق قال وقياس كونه نسكا اشتراط الإفاقة فيه كسائر الأركان هذا كلام الرافعي وقال هو قبل هذا الجنون كصبي لا يميز يحرم عنه وليه قال وفيه وجه ضعيف انه لا يجوز الاحرام عنه لأنه ليس من أهل العبادات وقد سبق بيان هذا الخلاف في صحة إحرام الولي عنه وقد ذكر إمام الحرمين والمتولي والبغوي نحو هذا الذي ذكره وقولهم يشترط إفاقته عند الاحرام وسائر الأركان معناه يشترط ذلك في وقوعه عن حجة الاسلام (وأما) وقوعه تطوعا فلا يشترط فيه شئ من ذلك كما قالوا في صبي لا يميز ولهذا قالوا هو كصبي لا يميز وسيأتي إيضاحه مبسوطا في فصل الوقوف بعرفات إن شاء الله تعالى * (فرع) اتفق أصحابنا العراقيون والخراسانيون وغيرهم بأن المغمى عليه ومن غشي لا يصح إحرام وليه عنه ولا رفيقه عنه لأنه غير زائل العقل ويرجي برؤه عن قرب فهو كالمريض قال أصحابنا لو خرج في طريق الحج فأغمي عليه عند الميقات قبل أن يحرم لم يصح احرام وليه ولا رفيقه عنه سواء كان اذن غلط فيه قبل الاغماء أم لا وبه قال مالك وأبو يوسف ومحمد واحمد وداود * وقال أبو حنيفة يصح احرام رفيقه عنه استحسانا ويصير المغمى عليه محرما لأنه علم من قصده ذلك ولأنه يشق عليه تفويت الاحرام قال القاضي أبو الطيب واحتج لأبي حنيفة أيضا بأن الاحرام أحد أركان الحج فدخلته النيابة للعجز كالطواف قالوا وقياسا على الطفل قال القاضي ودليلنا انه بلغ فلم يصح عقد الاحرام له من غيره كالنائم (فان قيل) المغمى عليه إذا نبه لا ينتبه بخلاف النائم (قلنا) هذا الفرق يبطل باحرام غير رفيقه قال القاضي وقياسهم على الطواف لا نسلمه لان الطواف لا تدخله النيابة حتى لو كان مريضا لم يجز لغيره الطواف عنه بل يطاف به محمولا (وأما) قياسهم على الطفل فالفرق ان الاغماء يرجى زواله عن قرب بخلاف الصبا ولهذا يصح ان يعقد الولي النكاح للصبي دون المغمى عليه والله أعلم *
(٣٨)