(فرع) ان قيل ما الفرق بين ميقات الزمان والمكان حيث جاز تقديم الاحرام على ميقات المكان دون الزمان فالجواب ما أجاب به الجرجاني في المعاياة ان ميقات المكان يختلف باختلاف البلاد بخلاف ميقات الزمان والله أعلم * قال المصنف رحمه الله * (ومن كان داره دون الميقات فيمقاته موضعه ومن جاوز الميقات قاصدا إلى موضع قبل مكة ثم أراد النسك أحرم من موضعه كما إذا دخل مكة لحاجة ثم أراد الاحرام كان ميقاته من مكة) * (الشرح) من كان مسكنه بين مكة والميقات فيمقاته موضعه بلا خلاف لحديث ابن عباس السابق في أول الباب وقد سبقت هذه المسألة * قال أصحابنا فإذا كان في قرية بين مكة والميقات فالأفضل أن يحرم من الطرف الابعد منها إلى مكة فان أحرم من الطرف الأدنى إلى مكة جاز ولا دم عليه بلا خلاف كما سبق في المواقيت الخمسة فان خرج من قرية وفارق العمران إلى جهة مكة ثم أحرم كان آثما وعليه الدم للإساءة فان عاد إليها سقط الدم وإن كان من أهل خيام استحب ان يحرم من أبعد أطراف الخيام إلى مكة ويجوز من الطرف الأدنى إلى مكة ولا يجوز ان يفارقها إلى جهة مكة غير محرم * وإن كان في واد استحب ان يقطع طرفيه محرما فان أحرم من الطرف الأقرب إلى مكة جاز فإن كان في برية ساكنا منفردا بين مكة والميقات أحرم من منزله لا يفارقه غير محرم هكذا ذكر هذا التفصيل كله أصحابنا في الطريقين قال القاضي أبو الطيب في تعليقه لو كان مسكنه بين مكة والميقات فتركه وقصد الميقات فأحرم منه جاز ولا دم عليه كالمكي إذا لم يحرم من مكة بل خرج إلى ميقات فأحرم منه جاز ولا دم عليه (المسألة الثانية) إذا مر الآفاقي بالميقات غير مريد نسكا فإن لم يكن قاصدا نحو الحرم ثم عن له قصد النسك بعد مجاوزة الميقات فميقاته حيث عن له هذا القصد وإن كان قاصد الحرم لحاجة فعن له النسك بعد المجاوزة (فان قلنا) من أراد الحرم لحاجة يلزمه الاحرام فهذا يأثم بمجاوزته غير محرم وهو كمن قصد النسك وجاوزه غير محرم * وسنذكره إن شاء الله تعالى (وان قلنا) بالأصح انه لا يلزمه فهو كمن جاوزه غير قاصد دخول الحرم * (فرع) في مذاهب العلماء في هذه المسألة * قد ذكرنا ان مذهبنا ان من مسكنه بين مكة والميقات فيمقاته موضعه وبه قال طاووس ومالك وأبو حنيفة واحمد وأبو ثور والجمهور * وقال مجاهد يحرم
(٢٠٣)