في هذا والخلاف بيننا وبين أبي حنيفة وموافقيه في يوم النحر فهو عنده من أشهر الحج وليس هو عندنا منها وقد نقل المحاملي في المجموع إجماع العلماء على أن أول وقت أشهر الحج شوال وإنما اختلفوا في آخرها قال صاحب الشامل وآخرون من أصحابنا وهذا الخلاف الذي بيننا وبين أبي حنيفة يجوز الاحرام بالحج في جميع السنة كما حكيناه عنهما في الفرع السابق ولا يجوز عندهما ايقاع الفعل الا في أوقاتها من أشهر الحج فلا فرق بين أن يوافقونا في أشهر الحج أو يخالفونا وقال المتولي لا فائدة في هذا الخلاف إلا في شئ واحد وهو أن عند مالك يكره الاعتمار في أشهر الحج فالعمرة عنده مكروهة في جميع ذي الحجة وهذا الذي استثناه المتولي لا حاجة إليه لأن العمرة لا تكره عندنا في شئ من السنة فلا فرق بين أن يوافقنا مالك في أشهر الحج أو يخالفنا وهكذا قول العبدري ان فائدة الخلاف عند مالك إذا أخر طواف الإفاضة عن ذي الحجة لزم دم وهذا أيضا لا حاجة إليه لان الدم لا يجب عندنا بتأخير الطواف ولو أخره سنين * واحتج لأبي حنيفة وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وابن الزبير رضي الله عنهم قالوا أشهر الحج شهران وعشر ليال قالوا وإذا أطلقت الليالي تبعتها الأيام فيكون يوم النحر منها ولان يوم النحر يفعل فيه معظم المناسك فكان من أشهر الحج كيوم عرفة * واحتج مالك بان الأشهر جمع وأقله ثلاثة * واحتج أصحابنا برواية نافع عن ابن عمر أنه قال (أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة) وعن ابن مسعود وابن عباس وابن الزبير مثله رواها كلها البيهقي وصحح الرواية عن ابن عباس ورواية ابن عمر صحيحة * وأجاب أصحابنا عن قول الحنيفة إذا أطلقت الليالي تبعتها الأيام بأن ذلك عند إرادة المتكلم ولا نسلم وجود الإرادة هنا بل الظاهر عدمها فنحن قائلون بما قالته الصحابة (والجواب) عن قولهم إن يوم النحر يفعل فيه معظم المناسك فينتقض بأيام التشريق (والجواب) عن قول مالك إن العرب تعبر عن اثنين وبعض الثالث بلفظ الجمع قال الله تعالى (يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) وأجمعنا نحن ومالك على أن القراء هي الأطهار وانه إذا طلقها في بقية طهر حسبت تلك البقية قرءا فاتفقنا على حمل الأقراء على قرئين وبعض واتفقت العرب وأهل اللغة على استعمال مثله في التواريخ وغيرها يقولون كتبت لثلاث وهو في بعض الليلة الثالثة والله أعلم * (فرع) في مذاهبهم فيمن أهل بحجتين * قد ذكرنا أن مذهبنا أنه ينعقد إحداهما (1) ويلزمه
(١٤٦)