(فان قيل) قال الشافعي والأصحاب ان الاحرام بالعمرة من الجعرانة أفضل من التنعيم فكيف أعمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة من التنعيم (فالجواب) انه صلى الله عليه وسلم إنما أعمرها منه لضيق الوقت عن الخروج إلى أبعد منه وقد كان خروجها إلى التنعيم عند رحيل الحاج وانصرافهم وواعدها النبي صلى الله عليه وسلم إلى موضع في الطريق هكذا ثبت في الصحيحين ويحتمل أيضا بيان الجواز من أدني الحل والله أعلم * (فرع) يستحب لمن أراد الاحرام بالحج من مكة أن يحرم يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة ولا يقدم الاحرام قبله إلا أن يكون متمتعا لم يجد الهدى فيحرم قبل اليوم السادس من ذي الحجة حتى يمكنه صوم ثلاثة أيام في الحج وقد سبقت المسألة مبسوطة في أواخر الباب السابق في أحكام التمتع في فرع مستقل وذكرنا فيه مذاهب العلماء ودليل المسألة * قال المصنف رحمه الله * (ومن بلغ الميقات مريدا للنسك لم يجز أن يجاوزه حتى يحرم لما ذكرناه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما فان جاوزه وأحرم دونه نظرت فإن كان له عذر بأن يخشي ان يفوته الحج أو الطريق مخوف لم يعد وعليه دم وان لم يخش شيئا لزمه ان يعود لأنه نسك واجب مقدور عليه فلزمه الاتيان به فإنه لم يرجع لزمه الدم وان رجع نظرت فإن كان قبل إن يتلبس بنسك سقط عنه الدم لأنه قطع المسافة بالاحرام وزاد عليه فلم يلزمه دم وان عاد بعد ما وقف أو بعد ما طاف لم يسقط عنه الدم لأنه عاد بعد فوات الوقت فلم يسقط عنه الدم كما لو دفع من الموقف قبل الغروب ثم عاد في غير وقته) * (الشرح) قال الشافعي والأصحاب إذا انتهى الآفاقي إلى الميقات وهو يريد الحج أو العمرة أو القران حرم عليه مجاوزته غير محرم بالاجماع فان جاوزه فهو مسئ سواء كان من أهل تلك الناحية أم من غيرها كالشامي يمر بميقات المدينة * قال أصحابنا ومتي جاوز موضعا يجب الاحرام منه غير محرم اثم وعليه العود إليه والاحرام منه ان لم يكن له عذر فإن كان عذر كخوف الطريق أو انقطاع عن رفقته أو ضيق الوقت أو مرض شاق أو أحرم من موضعه ومضى وعليه دم إذا لم يعد فقد أثم بالمجاوزة ولا يأثم يترك الرجوع فان عاد فله حالان (أحدهما) يعود قبل الاحرام فيحرم منه فالمذهب الذي قطع
(٢٠٦)