(فرع) قد ذكرنا ما جاء من الأحاديث في الافراد والتمتع والقران والاطلاق واختلاف العلماء في الأفضل منها وفى كيفية الجمع بينها وفى الجواب عن اعتراض الملحدين عليها وذكرنا أن جميع الأنواع جائزة وأوضحنا الجواب عما نقل من كراهة عمر وغيره رضي الله عنهم من التمتع أو القران وذكرنا أن الأصح تفضيل الافراد ورجحه الشافعي والأصحاب وغيرها بأشياء منها أنه الأكثر في الروايات الصحيحة في حجة النبي صلى الله عليه وسلم (ومنها) أن رواته أخص بالنبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحجة فان منهم جابرا وهو أحسنهم سياقا لحجة النبي صلى الله عليه وسلم فإنه ذكرها من أول خروجه صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى فراغه وذلك مشهور في صحيح مسلم وغيره وهذا يدل على ضبطه لها واعتنائه بها (ومنهم) ابن عمر وقد قال كنت تحت ناقة النبي صلى الله عليه وسلم يمسني لعابها أسمعه يلبى بالحج وقد سبق بيان هذا عنه ومنهم عائشة وقربها من النبي صلى الله عليه وسلم معروف واطلاعها على باطن أمره وفعله في خلوته وعلانيته مع فقهها وعظم فطنتها (ومنهم) ابن عباس وهو بالمحل المعروف من الفقه والفهم الثاقب مع كثرة بحثه وحفظه أحوال النبي صلى الله عليه وسلم التي لم يخفها وأخذه إياها من كبار الصحابة (ومنها) أن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم أفردوا الحج وواظبوا عليه كذلك فعل أبو بكر وعمر وعثمان واختلف فعل على رضي الله عنهم أجمعين وقد حج عمر بالناس عشر حجج مدة خلافته كلها مفردا لو ولم يكن هذا هو الأفضل عندهم وعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم حج مفردا لم يواظبوا على الافراد مع أنهم الأئمة الاعلام وقادة الاسلام ويقتدى بهم في عصرهم وبعدهم وكيف يظن بهم المواظبة على خلاف فعل النبي صلى الله عليه وسلم أو أنهم خفى عليهم جميعهم فعله صلى الله عليه وسلم (وأما) الخلاف عن علي وغيره فإنما فعلوه لبيان الجواز وقد قدمنا عنهم ما يوضح هذا (ومنها) ان الافراد لا يجب فيه دم بالاجماع وذلك لكماله ويجب الدم في التمتع والقران وذلك الدم دم جبران لسقوط الميقات وبعض الأعمال ولان مالا خلل فيه ولا يحتاج إلى جبر أفضل (ومنها) أن الأمة أجمعت على جواز الافراد من غير كراهة وكره عمر وعثمان وغيرهما ممن ذكرناه قبل هذا التمتع وبعضهم التمتع والقران وإن كانوا يجوزونه على ما سبق تأويله فكان ما أجمعوا على أنه
(١٦٣)