[الفصل السادس والأربعون] [في صلاة العيدين] من ينظر في أدلة صلاة الجمعة نظرة موضوعية مستوعبة، يتضح له عظم خطر هذه الفريضة في الاسلام، وكبير أثرها في بناء مجتمعه، وشده بأصول الاسلام وفروعه، بل وكبير أثرها في بناء العقيدة وترسيخها، وتهذيب المجتمع وتوجيهه في سلوكه الفردي والاجتماعي.
ومن أجل ذلك كانت صلاة الجمعة في أصلها وظيفة خاصة من وظائف المعصوم (ع) الرئيس الأعلى في الاسلام عند بسط يده والتمكين له في الأرض، فلا يقيمها في تلك الحال إلا هو، أو من يخوله هو هذا الحق من الأكفاء، لتشد الرعية بالراعي والمأمومون بالإمام، وليمدوا بالمد الدائب الواعي، المتصل بمنبع الحق والهدى والاهتداء.
وفي حال غيبة ولي الحق (ع) أو حال عدم البسط له في أيام ظهوره، لا يبعد حكم هذه الفريضة عن هذه الدائرة أيضا، فلا تقام صلاة الجمعة بين المسلمين إلا على ضوء رشده وتحديده من حيث أن الإمام المعصوم (ع) بعد الرسول (ص) هو ولي التشريع في الاسلام والقائم على حفظه، وقد تظافرت الأدلة على وجوب إقامتها والحث عليها والتحذير من تركها.
[المسألة 1346] الظاهر وجوب إقامة صلاة الجمعة على الفقيه العادل حين يجتمع له العدد والأمن من الخوف، وتتوفر بقية الشروط المعتبرة في هذه الصلاة، كما أن الظاهر وجوب السعي إليها من المكلفين إذا أقامها الفقيه العادل، إلا من استثني منهم، كالمسافر، والمريض، والشيخ الكبير والأعمى، ومن بعد عن موضع إقامتها بفرسخين، وسائر من دلت النصوص على استثنائه. ولم نتعرض هنا للأحكام المتعلقة بصلاة الجمعة، حذرا من التطويل.