خلافا لهما وهي محرمة عندهما (1) لنا أن الأصل الإباحة والمنع يحتاج إلى الدليل. وأما قوله تعالى: {ولا تقربوهن} فالمراد الجماع في الفرج لأن قرب الزوج ومباشرته في غير ما بين السرة [5 / ب] إلى الركبة جائز بالاتفاق، فإن وطئها وجب عليه أن يكفر في أول الحيض بدينار وفي وسطه بنصف دينار وفي آخره بربع لقوله (صلى الله عليه وآله) " من أتى أهله وهي حائض فليتصدق " (2) وهذا الأمر محمول على الندب عند بعض أصحابنا والشافعي (3).
فإن انقطع الدم جاز وطئها مطلقا إذا غسلت فرجها خلافا لأبي حنيفة فيما دون العشرة فإنه قال: لا يحل إلا بعد أن يوجد ما ينافي الحيض، والشافعي لا يحل وطؤها إلا بعد أن تستبيح فعل الصلاة، إما بالغسل أو بالتيمم عند فقد الماء (4).
لنا قوله تعالى: {ولا تقربوهن حتى يطهرن} جعل انقطاع الدم غاية لزمان الحظر، فيجب جوازه بعد ذلك على كل حال إلا ما أخرجه الدليل من حظر ذلك قبل الغسل.
وقوله تعالى: {فإذا تطهرن} (5) محمول على غسل الفرج، أو يكون كلاما مستأنفا، ليس بشرط ولا غاية لزمان الحظر، ويجوز أن يكون بمعنى (طهرن) و (تفعل) يأتي بمعنى (فعل) نحو تطعمت الطعام وطعمته.
" والمستحاضة يلزمها إذا لوث الدم أحد جانبي الكرسف ولم يثقبه أن تغيره وتتوضأ لكل صلاة، فإذا ثقبه ولم يسل أن تغتسل لصلاة الفجر مع تغييره وتتوضأ لباقي الصلوات، وإن ثقبه وسال فعليها ثلاثة أغسال: غسل للفجر وغسل للظهرين وغسل للعشائين وحكمها حكم الطاهرات إذا فعلت ما ذكرناه " (6) خلافا لأبي حنيفة، فإن حكم دم الاستحاضة عنده حكم الرعاف، لا يمنع الصلاة والصوم والوطئ (7) لقوله (صلى الله عليه وآله): للمستحاضة (: توضئي وصلي وإن قطر الدم على الحصير فإنما هو دم عرق انفجر " (8) إلا أنه يقول تتوضأ لوقت كل صلاة وتصلي ما شاءت من الفرائض والنوافل وإذا خرج الوقت بطل الوضوء (9).
وقال الشافعي: تتوضأ لكل فرض (10).