الكتاب (1) في بيان قوله - تعالى -: " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم. " وهو (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أراد إبرام ذلك بالكتابة عند وفاته، فدعا بدواة وقرطاس ولكنهم خالفوه في ذلك.
وكيف كان فعند الشيعة الإمامية إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) ثابتة بالنص، وكان (عليه السلام) يحاج بذلك في خطبه وكتبه أيضا. وكلامه في هذا المقام وفي أمثاله صدر عنه تقية أو مماشاة وجدلا. ولكن قد عرفت منا أنه ليس معنى الجدل هنا بطلان البيعة بالكلية و كونها كالعدم، بل الاختيار والبيعة أيضا طريق إلى الإمامة ولكنه في طول النص وفي صورة عدمه. فالمماشاة هنا ليست بتسليم ما ليس حقا أصلا بل بتسليم عدم النص مع كونه ثابتا، فراجع ماحررناه في فصل البيعة.
وعلى أي حال فهذا الكلام منه (عليه السلام) أيضا يدل على عدم الاحتياج إلى بيعة جميع الأمة وكفاية بيعة أهل الحل والعقد المنطبق في ذلك العصر على المهاجرين و الأنصار، كما لا يخفى.
3 - وفيما وقع بين أمير المؤمنين (عليه السلام) ومعاوية في صفين أن معاوية قال:
" إن كان الأمر كما يزعمون فما له ابتز الأمر دوننا على غير مشورة منا ولا ممن هيهنا معنا؟ " فقال على - عليه السلام -: " إنما الناس تبع المهاجرين والأنصار وهم شهود المسلمين في البلاد على ولايتهم وأمر دينهم، فرضوا بي وبايعوني ولست أسنحل أن أدع ضرب معاوية يحكم على الأمة ويركبهم ويشق عصاهم. " فرجعوا (أي القراء) إلى معاوية فأخبروه بذلك فقال: " ليس كما يقول; فما بال من هيهنا من المهاجرين والأنصار لم يدخلوا في هذا الأمر فيؤامروه. " فانصرفوا إلى على (عليه السلام) فقالوا له ذلك وأخبروه فقال على (عليه السلام): " ويحكم، هذا للبدريين دون الصحابة. ليس في الأرض بدري إلا قد بايعني و هو معي أو قد قام ورضى. " (2) وقوله: " ضرب معاوية " أي مثله وشبيهه. ويحتمل أن يكون بمعنى السير، وأن