أن الحجر الأساسي للخلافة عن الله هو الإحاطة العلمية، فتدبر.
فإن قلت: إنما ينعقد الإطلاق في الموضوعات بإجراء مقدمات الحكمة و لا يجري في المحمولات; فإذا قال المولى: " أكرم عالما " ينعقد الإطلاق إذا كان في مقام البيان، بخلاف ما إذا قال: " زيد عالم "، فإنه لا يحمل على كونه عالما بكل شئ.
والخلفاء في الحديث الشريف بمنزلة المحمول، فلا يؤخذ فيه بالإطلاق. والقدر المتيقن منه هو الخلافة في التعليم والإرشاد، كما يدل عليه ذيل الحديث.
قلت: قد مر هذا الاعتراض في عداد الاعتراضات على المقبولة، وقلنا هناك: إنا لا نرى فرقا بين الموضوع والمحمول في ذلك، إذ المولى إن لم يكن في مقام البيان لم ينعقد إطلاق أصلا. وإن كان في مقام البيان فإن لم يكن في البين قدر متيقن حكمنا بالإطلاق حذرا من حمل كلامه على الإجمال واللغوية. وإن وجد قدر متيقن فإن أضر وجوده بالإطلاق أضر في المقامين، وإن لم يضر به لم يضر مطلقا فالفرق بين الموضوع والمحمول بلا وجه. وقد مر أن الحق أنه لو كان هنا قرينة لفظية متصلة أو لبية بينة بحيث كانت كاللفظية المتصلة أضرت هذه بانعقاد الإطلاق، وأما صرف وجود المتيقن واقعا بعد إعمال الدقة فلا يضر بانعقاده، فتدبر.
فإن قلت: مقتضى إطلاق الخلافة في المقام أن يكون للفقيه مثل ما للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) من الولاية والأولوية بالنسبة إلى الأموال والنفوس. وبعبارة أخرى:
يكون الفقيه في خلافته عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نظير أمير المؤمنين (عليه السلام) في خلافته عنه، و هل يمكن الالتزام بذلك؟
قلت: نبوته (صلى الله عليه وآله وسلم) ورسالته من خصائصه التي لا يشاركه فيهما أحد، كما أن الفضائل المعنوية والكرامة الذاتية له وكذلك لأئمة المعصومين (عليهم السلام) من خصائصهم.