بيان الاستدلال بالرواية هو أن أهم شؤون الرسل ومنهم رسولنا الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) على ما مر منا ثلاثة: بيان أحكام الله - تعالى -، وفصل الخصومات، وإجراء العدالة الاجتماعية بإقامة دولة حقة على أساس أحكام الله - تعالى - وقوانينه العادلة كما صنع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وليس شأن الرسل مجرد بيان أحكام الله فقط.
وعلى هذا فالفقيه إذا جعل أمينا للرسل صار أمينا لهم في جميع شؤونهم العامة على ما يقتضيه إطلاق اللفظ. والاعتراض بعدم جريان الإطلاق في المحمولات قد مر الجواب عنه بالتفصيل، وأنه لافرق بينها وبين الموضوعات.
وقد مر في تفسير قوله - تعالى -: " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " أخبار يظهر منها كون الولاية من أوضح مصاديق الأمانة.
ومر في رواية العلل في بيان علل جعل أولي الأمر قوله (عليه السلام): " منها: أن الخلق لما وقفوا على حد محدود وأمروا أن لا يتعدوا ذلك الحد لما فيه من فسادهم لم يكن يثبت ذلك و لا يقوم إلا بأن يجعل عليهم فيه أمينا يمنعهم من التعدي والدخول فيما حظر عليهم. " فعبر عن الوالي بالأمين.
ويمكن أن يقال: إن هم كل رسول صلاح أمته، ولا تصلح الأمة ولا تبقى إلا بدولة عادلة تدبر أمورها وتضمن بقاءها، فمعنى كون الفقهاء أمناء الرسل كونهم أمناء في حفظ الأمة، والأمانة المفوضة إلى الفقيه هي أمة الرسول، فيجب تأمين صلاحها و بقائها بإقامة الدولة العادلة. هذا.
ولكن بعد اللتيا والتي، يمكن الخدشة في الاستدلال بالرواية على مسألة الولاية أولا بما مر من الإشكال ثبوتا. وثانيا بأنه بالتعمق في ذيلها يظهر أن المراد بيان الفقيه الذي يعتمد عليه في بيان أحكام الله - تعالى -.
فالفقيه الملتزم بالدين المستقل بالرأي يكون أمينا يعتمد عليه في بيان الأحكام، و الفقيه الداخل في الدنيا المتبع للسلطان تجب الحذر منه في الدين فإن علماء السوء المرتزقة من السلاطين يحرفون كلام الله ويأولونه على وفق أهواء