ومن الأنبياء نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) وإبراهيم، وموسى وغيرهم ممن كان لهم الولاية العامة، و قد قال الله - تعالى - في حق نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم): " النبى أولى بالمؤمنين من أنفسهم. " ولا نريد بالولاية في المقام الولاية التكوينية أو الفضائل المعنوية والكمالات الذاتية غير القابلة للانتقال، بل الولاية الاعتبارية القابلة للانتقال والتوارث عند العقلاء، كما يشهد له ما في نهج البلاغة: " أرى تراثي نهبا. " (1) فإطلاق الروايات يقتضي انتقال الولاية التي كانت للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى علماء أمته.
والاعتراض بعدم جريان الإطلاق في المحمولات قد مر ومر الجواب عنه بعدم الفرق بينها وبين الموضوعات، فراجع ما ذكرناه في جواب المناقشة السادسة على المقبولة.
ودعوى كون المراد بالعلماء خصوص الأئمة الاثني عشر، كما ربما يشهد بذلك ما في خبر جميل عن أبي عبد الله (عليه السلام): " نحن العلماء وشيعتنا المتعلمون وسائر الناس غثاء. " (2) مدفوعة أولا: بعدم الدليل على الاختصاص. وخبر جميل لعله يراد به العلماء الكاملون في العلم وإلا فيكثر ذكر العلماء والفقهاء في الأخبار مع وجود القرائن على عدم إمكان الانطباق على الأئمة الاثني عشر.
وثانيا: بأن قوله (عليه السلام) في صحيحة القداح: " من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة " (3)، وقوله (عليه السلام) في خبر أبي البختري: " فمن أخذ بشئ منها فقد أخذ حظا وافرا... " (4) ظاهران في عدم إرادة الأئمة (عليهم السلام)، كما لا يخفى.
فإن قلت: المتبادر من قوله (عليه السلام): " ورثة الأنبياء "، وراثتهم لهم بما هم أنبياء، أعني دخالة الوصف العنواني في الموضوع، وشأن الأنبياء بما هم أنبياء ليس إلا الإنباء و التبليغ.