والاجتماعية وكان على المسلمين الرجوع إليهم وتقويتهم في ذلك، فلا محالة كان هذا مركوزا في أذهان أصحاب الأئمة (عليهم السلام) أيضا وكان أمثال زرارة ومحمد بن مسلم من فقهاء أصحاب الأئمة وملازميهم لا يرون المرجع لهذه الأمور إلا الأئمة (عليهم السلام) أو من نصبوه لذلك، فلذلك كانوا يراجعون إليهم فيما يتفق لهم مهما أمكن كما يعلم ذلك بمراجعة أحوالهم.
إذا عرفت هذه المقدمات فنقول: لما كان هذه الأمور والحوائج الاجتماعية مما يبتلى بها الجميع مدة عمرهم غالبا ولم يكن الشيعة في عصر الأئمة (عليهم السلام) متمكنين من الرجوع إليهم (عليهم السلام) في جميع الأحوال، كما يشهد بذلك مضافا إلى تفرقهم في البلدان عدم كون الأئمة (عليهم السلام) مبسوطي اليد بحيث يرجع إليهم في كل وقت لأي حاجة اتفقت، فلا محالة يحصل لنا القطع بأن أمثال زرارة ومحمد بن مسلم وغيرهما من خواص الأئمة (عليهم السلام) سألوهم عمن يرجع إليه في مثل تلك الأمور إذا لم يتمكنوا منهم (عليهم السلام) ونقطع أيضا بأن الأئمة (عليهم السلام) لم يهملوا هذه الأمور العامة البلوى التي لا يرضى الشارع بإهمالها بل نصبوا لها من يرجع إليه شيعتهم إذا لم يتمكنوا منهم (عليهم السلام) ولاسيما مع علمهم (عليهم السلام) بعدم تمكن أغلب الشيعة من الرجوع إليهم بل عدم تمكن الجميع في عصر الغيبة التي كانوا يخبرون عنها غالبا ويهيئون شيعتهم لها.
وهل لأحد أن يحتمل انهم (عليهم السلام) نهوا شيعتهم عن الرجوع إلى الطواغيت وقضاة الجور ومع ذلك أهملوا لهم هذه الأمور ولم يعينوا من يرجع إليه الشيعة في فصل الخصومات والتصرف في أموال الغيب والقصر والدفاع عن حوزة الإسلام ونحو ذلك من الأمور المهمة التي لا يرضى الشارع بإهمالها؟
وكيف كان، فنحن نقطع بأن صحابة الأئمة (عليهم السلام) سألوهم عمن يرجع إليه الشيعة في تلك الأمور مع عدم التمكن منهم (عليهم السلام) وأن الأئمة (عليهم السلام) أيضا أجابوهم ونصبوا للشيعة مع عدم التمكن منهم (عليهم السلام) أشخاصا يتمكنون منهم إذا احتاجوا.
غاية الأمر سقوط تلك الأسئلة والأجوبة من الجوامع الحديثية التي بأيدينا، و لم يصل إلينا إلا ما رواه عمر بن حنظلة وأبو خديجة.