وإذا ثبت بهذا البيان النصب من قبلهم (عليهم السلام) وأنهم لم يهملوا هذه الأمور المهمة التي لا يرضى الشارع بإهمالها (ولا سيما مع إحاطتهم بحوائج شيعتهم في عصر الغيبة) فلا محالة يتعين الفقيه لذلك، إذ لم يقل أحد بنصب غيره. فالأمر يدور بين عدم النصب وبين نصب الفقيه العادل، وإذا ثبت بطلان الأول بما ذكرناه صار نصب الفقيه مقطوعا به وتصير مقبولة ابن حنظلة أيضا من شواهد ذلك.
وإن شئت ترتيب ذلك على النظم القياسي فصورته هكذا: إما إنه لم ينصب الأئمة (عليهم السلام) أحدا لهذه الأمور العامة البلوى وأهملوها، وإما إنهم نصبوا الفقيه لها، لكن الأول باطل فثبت الثاني.
فهذا قياس استثنائي مؤلف من قضية منفصلة حقيقية، وحملية دلت على رفع المقدم، فينتج وضع التالي وهو المطلوب.
وبما ذكرناه يظهر أن مراده (عليه السلام) بقوله في المقبولة: " حاكما " هو الذي يرجع إليه في جميع الأمور العامة الاجتماعية التي لا تكون من وظايف الأفراد ولا يرضى الشارع أيضا بإهمالها (ولو في عصر الغيبة وعدم التمكن من الأئمة (عليهم السلام)) ومنها القضاء و فصل الخصومات، ولم يرد به خصوص القاضي.
ولو سلم فنقول: إن المترائي من بعض الأخبار أنه كان شغل القضاء ملازما عرفا لتصدي سائر الأمور العامة البلوى، كما يظهر من خبر إسماعيل بن سعد عن الرضا (عليه السلام): " وعن الرجل يصحب الرجل في سفر فيحدث به حدث الموت ولا يدرك الوصية كيف يصنع بمتاعه وله أولاد صغار وكبار، أيجوز أن يدفع متاعه ودوابه إلى ولده الأكابر أو إلى القاضي، وإن كان في بلدة ليس فيها قاض كيف يصنع؟... " (1) وبالجملة، كون الفقيه العادل منصوبا من قبل الأئمة (عليهم السلام) لمثل تلك الأمور العامة المهمة التي يبتلى بها العامة مما لا إشكال فيه إجمالا بعدما بيناه، ولا نحتاج في إثباته إلى مقبولة ابن