2 - وفي رواية العلل التي مرت قطعة منها في الدليل الثالث من أدلة لزوم الحكومة عن الرضا (عليه السلام): " فإن قال: فلم لا يجوز أن يكون في الأرض إمامان في وقت واحد أو أكثر من ذلك؟ قيل: لعلل:
منها: أن الواحد لا يختلف فعله وتدبيره والاثنين لا يتفق فعلهما وتدبيرهما. وذلك أنا لم نجد اثنين إلا مختلفي الهمم والإرادة. فإذا كانا اثنين ثم اختلفت هممهما وإرادتهما و تدبيرهما وكانا كلاهما مفترضي الطاعة لم يكن أحدهما أولى بالطاعة من صاحبه، فكان يكون في ذلك اختلاف الخلق والتشاجر والفساد، ثم لا يكون أحد مطيعا لأحدهما إلا وهو عاص للآخر، فتعم المعصية أهل الأرض، ثم لا يكون لهم مع ذلك السبيل إلى الطاعة و الإيمان ويكونون إنما أتوا في ذلك من قبل الصانع الذي وضع لهم باب الاختلاف و التشاجر، إذ أمرهم باتباع المختلفين.
ومنها: أنه لو كانا إمامين كان لكل من الخصمين أن يدعو إلى غير ما يدعو إليه صاحبه في الحكومة، ثم لا يكون أحدهما أولى بأن يتبع من صاحبه، فتبطل الحقوق والأحكام والحدود.
ومنها: أنه لا يكون واحد من الحجتين أولى بالنطق والحكم والأمر والنهي من الآخر. فإذا كان هذا كذلك وجب عليهما أن يبتدءا بالكلام وليس لأحدهما أن يسبق صاحبه بشيء إذا كانا في الإمامة شرعا واحدا. فإن جاز لأحدهما السكوت جاز السكوت للآخر مثل ذلك. وإذا جاز لهما السكوت بطلت الحقوق والأحكام وعطلت الحدود وصار الناس كأنهم لا إمام لهم. " (1) وقد مر البحث في سند الحديث هناك، فراجع. وآثار الصدق والحقيقة ظاهرة على مضمونه. فكم قد سفكت الدماء المحترمة وهتكت الأعراض وتعطلت مصالح المسلمين في موارد اختلاف الولاة النافذين وإن كانوا بأنفسهم مقدسين منزهين، كما لا يخفى على أهل الدراية والاطلاع على الحوادث التاريخية.
3 - وفي صحيحة الحسين بن أبي العلا: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): تكون الأرض ليس فيها إمام؟ قال: لا. قلت: يكون إمامان؟ قال: لا إلا وأحدهما صامت. (2)