وإذا لم تصح ولاية إمامين معصومين في عصر واحد مع عصمتها فكيف تصح الإمامة والولاية الفعلية المطلقة لعشر فقهاء مثلا في عصر واحد على أمة واحدة؟!
كيف؟! ولو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فكيف بتعدد الولاة والسلطات البشرية؟
ومجرد اشتراط الأعلمية في الوالي على القول به لا يكفي في رفع المحذور، لإمكان التساوي في العلم، ولاختلاف أنظار الأمة وأهل الخبرة في تشخيص الأعلم، كما هو المشاهد خارجا في أعصارنا. ولا يرد هذا الإشكال على نظرية الانتخاب، لكون الملاك فيه هو الأكثرية، كما يأتي بيانه في الفصول الآتية.
والحاصل أن مضار تعدد الحاكم وتكثر مراكز القرار والتصميم في وقت واحد مع اختلاف الآراء والأنظار كثيرة جدا، ولا سيما في المواقع الحساسة ومظان التصادم والقتال والحرب والإصلاح. فنصب ولاة بالفعل متعددين مستقلين لعصر واحد وصقع واحد إعانة على التنازع والتشاجر، فلا يصح من الشارع الحكيم.
نعم، لو كان تدخل الفقهاء منحصرا في الأمور الجزئية المحلية كتعيين القيم للصغار والمجانين مثلا، كما لعله هو المأنوس في أذهان الأكثر من عنوان ولاية الفقيه، أمكن منع التشاجر والنزاع. ولكن محل البحث هو تصدي الفقيه لجميع شؤون الحكومة في مجتمع المسلمين وترسيم الخطوط الكلية لجميع البلاد والعباد. وحينئذ فمضار تعدد مركز القرار ظاهرة واضحة.
وبالجملة فاللازم فرض موضوع البحث وسيعا بسعة بلاد المسلمين ونفوسهم. هذا كله بالنسبة إلى الاحتمال الأول.
ويرد على الاحتمال الثاني أولا: أنه كيف يعين من له حق التصدي فعلا؟ فإن لم يكن طريق إلى تعيينه صار الجعل لغوا، وهو قبيح. وإن كان بانتخاب الأمة أو أهل الحل والعقد أو خصوص الفقهاء لواحد منهم صار الانتخاب معتبرا ومعيارا لتعيين الوالي، فوجب إعماله وتعيين الوالي به. اللهم إلا أن يقال إن النصب أيضا مما لابد منه لمشروعية الولاية وانتهائه إلى الله - تعالى -. فالنصب للمشروعية،