وقد بلغ يأس فقهائنا من رجوع الأمر إليهم وشدة التقية فيهم إلى حد ترى السيد ابن طاووس - قدس سره - يرى نحو إقبال من الحكومة المغولية إليه وإلى علماء الشيعة وإطلاقها لسراحهم في الإرشاد وإجراء بعض الأحكام نحو عناية من الله - تعالى - به، ونحو قدرة له أخبر بها الإمام الصادق وتكون مقدمة لظهور ولى الأمر (عليه السلام) وقيامه.
فقال في كتاب الإقبال في أعمال شهر الربيع الأول:
" وجدت حديثا في كتاب الملاحم للبطائني عن الصادق (عليه السلام) يتضمن وجود الرجل من أهل بيت النبوة بعد زوال ملك بني العباس يحتمل أن يكون للإشارة إلينا والإنعام علينا. وهذا ما ذكره بلفظه من نسخة عتيقة بخزانة مشهد الكاظم (عليه السلام). وهذا ما رويناه و رأينا: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال: الله أجل وأكرم وأعظم من أن يترك الأرض بلا إمام عادل، قال: قلت له: جعلت فداك فأخبرني بما استريح إليه. قال: يا أبا محمد، ليس يرى أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فرجا أبدا ما دام لولد بني فلان ملك حتى ينقرض ملكهم.
فإذا انقرض ملكهم أتاح الله لأمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) رجلا (برجل خ. ل) منا أهل البيت يشير بالتقى، ويعمل بالهدى، ولا يأخذ في حكمه الرشى. والله إني لأعرفه باسمه واسم أبيه. ثم يأتينا الغليظ القصرة، ذو الخال والشامتين، القائم العادل الحافظ لما استودع، يملأها قسطا وعدلا كما ملأها الفجار جورا وظلما. ثم ذكر تمام الحديث.
أقول: ومن حيث انقرض ملك بني العباس لم أجد ولم أسمع برجل من أهل البيت يشير بالتقى، ويعمل بالهدى، ولا يأخذ في حكمه الرشى كما قد تفضل الله به علينا باطنا وظاهرا. وغلب ظني أو عرفت أن ذلك إشارة إلينا... وقد رجوت أن يكون الله - تعالى - برحمته قد شرفني بذكري في الكتب السالفة على لسان الصادق (عليه السلام)... و لم يتمكن أحد في هذه الدول القاهرة (دولة مغول) من العترة الطاهرة كما تمكنا نحن من صدقاتها المتواترة واستجلاب الأدعية الباهرة والفرامين المتضمنة لعدلها و رحمتها المتظاهرة. " (1) انتهى كلام الإقبال.