فالإمام رأس الأمة، وعقلها المدبر لها، ولسانها الناطق عنها.
وهل لم تشاهد أن الأجانب والمستعمرين حينما أرادوا ضعف المسلمين ووهنهم والسلطة على بلادهم وذخائرهم مزقوهم كل ممزق، وفرقوهم دويلات صغار يحكم عليها الخلافات الطائفية والوطنية واللغوية ونحوها. وقال أحد زعماء بريطانيا جملته المشهورة: " فرق تسد. " فبذلك يعرف أن الوحدة حليف القوة والنصر، وأن الفرقة والتعدد مصدر الضعف والوهن، هذا. والأخبار الحاكمة بوجوب وحدة الإمام التي قد مر كثير منها تنفي بإطلاقها هذا النحو من تعدد الإمام أيضا، فراجع.
وأما ما مر من الطبري من رضا أمير المؤمنين (عليه السلام) بقسمة الملك بينه وبين معاوية فعلى فرض صحته فإنما كان بعد حروب وقعت بينهما وتخاذل جنود أمير المؤمنين (عليه السلام) وتقاعسهم عن القتال، وإلا فهو (عليه السلام) لم يكن يرضى بحكومة معاوية قط، كما يظهر من كتبه (عليه السلام) وخطبه.
وإجماع جميع الأمة في مرحلة واحدة على إمام واحد مع اتساع البلدان و تباعدها وإن أشكل وتعسر، ولكن يسهل ذلك إن وقع الانتخاب في مرحلتين أو مراحل، فينتخب الخبراء من قبل الناس، وينتخب الإمام الأعظم من ناحية الخبراء المبعوثين لذلك.
هذا كله على فرض القدرة والإمكان، وإلا فلو فرض عدم إمكان تأسيس دولة إسلامية واحدة تعم جميع المسلمين فلا إشكال في أن تأسيس دويلة صغيرة أو دويلات على أساس موازين الإسلام أولى من إهمال الأمور حتى يتحكم على المسلمين ويتغلب عليهم الطواغيت والجبابرة الأشرار. فيتعين ذلك دفعا للظلم و الفساد، فتدبر.