للشرائط في عصر الغيبة لا يقع من قبل الله أو رسوله أو الأئمة (عليهم السلام) وإنما الذي يقع من قبلهم بيان المواصفات المعتبرة فيهم، والتشخيص يقع من قبل الأمة أو خبرائها، كما هو واضح.
وعمدة النظر في خبر عبد العزيز بن مسلم الطويل وكذا غيره هو رد العامة، الراغبين عن اختيار الله ورسوله لأمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمة المعصومين من ولده. كما يشهد بذلك قوله: " رغبوا عن اختيار الله واختيار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأهل بيته إلى اختيارهم "، وقوله: " فهو معصوم مؤيد " إلى قوله: " فهل يقدرون على مثل هذا فيختارونه أو يكون مختارهم بهذه الصفة فيقدمونه؟ " وقد تقدم منا: ويأتي التفصيل أن انتخاب الأمة على القول بصحته إنما يفيد إذا لم يوجد النص. فإن اختيار الله واختيار رسوله مقدم على اختيار الأمة قطعا.
والصفات التي ذكرت في الخبر للإمام لا توجد إلا في الإمام المعصوم المنصوب بالاسم والشخص. كما هو واضح لمن راجعها.
والفقهاء العدول على فرض كونهم منصوبين من قبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو من قبل الأئمة المعصومين (عليهم السلام) بالنصب العام لا محيص فيهم عن الانتخاب والخيرة إذا تعددوا في عصر واحد. إذ مع التعدد والتساوي في جميع الصفات تكون الأمة مخيرة في الرجوع إلى من تختاره من بينهم. كما ذكروا نظيره في باب القضاء في القضاة المتعددين الواجدين للشرائط.
وبالجملة، فالروايات والكلمات مرتبطة بالإمامة بالمعنى الأخص عند الشيعة، المرتبطة بالأشخاص، لا الإمامة بالمعنى الأعم التي لا يجوز تعطيلها وإهمال أمرها في عصر من الأعصار. فكما لا يشترط فيها العصمة - كما مر - لا يشترط النص الذي هو طريق لتشخيصها أيضا.
وعليك بإعادة النظر فيما ذكرناه لنفي اعتبار العصمة في الإمامة بالمعنى الأعم، حيث بينا هناك أن شؤونها الثلاثة، أعني الإفتاء والولاية والقضاء، لا تهمل