رأى نفسه أهلا للولاية، وأراد بها صلاح الدين والمجتمع فلا يصدق على ترشيح نفسه لها عنوان الحرص والطمع، بل قد يجب ذلك إذا انحصر الصالح فيه. وإنما الحرص المذموم هو أن يكون الشخص طالبا للرياسة، مولعا بها. والفرق بين الأمرين واضح.
9 - وفي صحيح مسلم بسنده عن أبي حميد الساعدي، قال: استعمل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رجلا من الأسد يقال له: ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا لي أهدي لي. قال: فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على المنبر فحمد الله وأثنى عليه و قال: " ما بال عامل أبعثه فيقول، هذا لكم وهذا أهدي لي! أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا. والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه: بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر. ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه، ثم قال: " اللهم هل بلغت؟ - مرتين. " (1) وقد روي هذا المضمون بطرق مختلفة، فراجع.
أقول: تيعر، أي تصيح، واليعار: صوت الشاة. والعفرة بضم العين وفتحها: بياض غير خالص كلون الأرض.
ويستفاد من هذا الحديث الاعتراض والاشكال على المسؤولين الذين ربما يستفيدون من موقعيتهم السياسية أموالا باسم الهدية والصلة، ولا يتحاشون عن ذلك.
ويعجبني هنا نقل كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة، حيث قال بعد نقل قصة عقيل والحديدة المحماة: " وأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها، ومعجونة شنئتها كأنما عجنت بريق حية أو قيئها، فقلت: أصلة، أم زكاة، أم صدقة؟ فذلك محرم علينا أهل البيت. فقال: لاذا ولا ذاك، ولكنها هدية. فقلت: هبلتك الهبول، أعن دين الله أتيتني لتخدعني؟
أمختبط أم ذو جنة أم تهجر؟ والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في