وأما علماء السنة فالظاهر اتفاقهم على اشتراطها في الولاية. نعم، اختلفوا في القضاء: فالشافعية والمالكية والحنابلة قالوا بالاشتراط، والحنفية قائلون بالتفصيل، حيث جعلوا القضاء مثل الشهادة، فما يقبل فيه شهادة النساء يقبل فيه قضاؤهن أيضا.
ومحمد بن جرير الطبري ينفي الاشتراط مطلقا.
قال في الخلاف (كتاب القضاء، المسألة 6):
" لا يجوز أن تكون المرأة قاضية في شيء من الأحكام، وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: يجوز أن تكون قاضية فيما يجوز أن تكون شاهدة فيه، وهو جميع الأحكام إلا الحدود والقصاص. وقال ابن جرير: يجوز أن تكون قاضية في كل ما يجوز أن يكون الرجل قاضيا فيه، لأنها تعد من أهل الاجتهاد. دليلنا أن جواز ذلك يحتاج إلى دليل، لأن القضاء حكم شرعي فمن قال: تصلح له يحتاج إلى دليل شرعي، وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " لا يفلح قوم وليتهم امرأة " وقال - عليه السلام -:
" أخروهن من حيث أخرهن الله. " فمن أجاز لها أن تولي القضاء فقد قدمها وأخر الرجل منها. وقال: " من فاته شئ في صلاته فليسبح، فإن التسبيح للرجال والتصفيق للنساء. " فالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) منعها من النطق لئلا يسمع كلامها مخافة الافتتان بها، فبأن تمنع القضاء الذي يشتمل على الكلام وغيره أولى. " (1) أقول: في مسند أحمد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " إذا نابكم في الصلاة شئ فليسبح الرجال، وليصفق النساء. " (2) فالظاهر كون " فاته " في الخلاف مصحف: " نابه ".
وظاهر كلام الشيخ أن نفوذ القضاء خلاف الأصل، كالولاية. ففي مورد الشك يتمسك بالأصل.