دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية - الشيخ المنتظري - ج ١ - الصفحة ٣٣١
أمراؤه كذلك.
وقد أفرط بعده الأمويون والعباسيون في الترف والفساد، حتى صارت الخلافة الإسلامية على طريقة الملوك الجبابرة. وقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام): " إن الله فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس، كيلا يتبيغ بالفقير فقره. " (1) وكان - عليه السلام - يكتفي من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه. وشاهد هو في مسيره إلى الشام دهاقين الأنبار قد ترجلوا له واشتدوا بين يديه، فقال: " ما هذا الذي صنعتموه؟ " فقالوا: خلق منا نعظم به أمراءنا، فقال: " والله ما ينتفع بهذا أمراؤكم وإنكم لتشقون على أنفسكم في دنياكم وتشقون به في آخرتكم. وما أخسر المشقة وراءها العقاب، وأربح الدعة معها الأمان من النار. " (2) والعجب منا بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران، ورفع النداء بشعار: " لا شرقية ولا غربية "، لماذا ما زلنا نحتفظ بعد بكثير من أزياء الغرب والشرق وعاداتهم الباطلة؟! اللهم فوفقنا للأخذ بسنة النبي وآله (عليهم السلام) والسير بسيرتهم المرضية.
4 - ما في التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري - عليه السلام -: " فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا على هواه، مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه.
وذلك لا يكون إلا بعض فقهاء الشيعة، لا جميعهم. " (3) فإذا كان صاحب الهوى والحرص على الدنيا وشؤونها لا يجوز تقليده في الأحكام فعدم جواز تسليطه على نفوس الناس وأموالهم يثبت بالأولوية القطعية، كما لا يخفى.
5 - ما في صحيح مسلم عن أبي موسى، قال: دخلت على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنا ورجلان من بني عمي، فقال أحد الرجلين: يا رسول الله، أمرنا على بعض ما ولاك

1 - نهج البلاغة، فيض / 663; عبده 2 / 213; لح / 325، الخطبة 209.
2 - نهج البلاغة، فيض / 1104; عبده 3 / 160; لح / 475، الحكمة 37.
3 - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام) / 102 (المطبوع بهامش تفسير علي بن إبراهيم)، ذيل الآية 78 من سورة البقرة. (الاحتجاج / 255).
(٣٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 325 326 327 329 330 331 332 333 334 335 336 ... » »»
الفهرست