أو ليس العلم حاصلا لكل سامع للإخبار بإمضاء رسول الله ص الحكم بالعلم لخزيمة بن ثابت الأنصاري وسماه لذلك ذا الشهادتين وأيضا ما حكم به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع في قضاء الأعرابي والناقة لعلمهما بصدقه صلوات الله عليه وآله بالمعجز مع ما ينضاف إلى ذلك من مشهور إنكار أمير المؤمنين ع على شريح القاضي لما طالبه بالبينة على ما ادعاه ع في درع طلحة: ويلك أو ويحك خالفت السنة بمطالبة إمام المسلمين ببينة وهو مؤتمن على أكثر من هذا، فأضاف الحكم بالعلم إلى السنة على رؤوس الجمع من الصحابة والتابعين فلم ينكر عليه منكر، هذا مع ما تقدم من رسول الله ص برهان واضح على جهل طالب البينة مع العلم وكونه مقدما عليهما.
وليس للمخالف فيما نصرناه أن يمنع منه لظنه أن الحكم بالعلم يقتضي تهمة الحاكم لأن ذلك رجوع عن مقتضى الأدلة استحسانا، ولا شبهة في فساده على أن ذلك لو منع من الحكم بالعلم لمنع من الحكم بالشهادة والإقرار الماضيين إذ كان الحكم في المجلس الثاني بالإقرار الحاصل في المجلس الأول أو البينة مستندا إلى العلم، وإذا لم تمنع التهمة ههنا من الحكم بالعلم فكذلك هناك، وبعد فحسن الظن بالحاكم المتكامل الشروط يقتضي البخوع لحكمه بالعلم ويمنع من تهمته كالإقرار والبينة لولا ذلك لم يستقر له حكم ولم يسمع قوله: أقر عندي بكذا وقامت البينة بكذا وثبت عندي بكذا وصح عندي، إلا أن يكون حصول الإقرار أو البينة بمحضر من لا يجوز عليه الكذب وهذا يقتضي نقض نظام الأحكام بغير إشكال.
وإذا كان علمه بكون المدعي عليه مقرا أو مشهودا عليه أو له أو حالفا أو محلوفا له موجبا عليه الحكم وإن لم يعلم ذلك أحد سواه ولا يحل له الامتناع لخوف التهمة فكذلك يجب أن يحكم متى علم صدق المدعي أو المنكر بأحد أسباب العلم من مشاهدة أو تواتر أو نص صادق أو ثبوت إمامة أو نبوة إلى غير ذلك من طرق العلم لعدم الفرق بل ما نوزعنا فيه أولى.