إذا طلق الرجل زوجته بعد أن خلا بها وقبل أن يطأها فالذي تقتضيه أصول مذهبنا والمعتمد عند محصلي أصحابنا أن وجود هذه الخلوة وعدمها سواء، ويرجع عليه بنصف الصداق إن كان مسمى أو المتعة إن لم يكن مسمى ولا عدة عليها.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: ومتى خلا الرجل بامرأته فأرخى الستر ثم طلقها وجب عليه المهر على ظاهر الحال، وكان على الحاكم أن يحكم بذلك وإن لم يكن قد دخل بها إلا أنه لا يحل للمرأة أن تأخذ أكثر من نصف المهر ما لم يدخل بها، فإن أمكن الزوج إقامة البينة على أنه لم يكن دخل بها مثلا أن تكون المرأة بكرا فتوجد على هيئتها لم يلزمه أكثر من نصف المهر.
وقال في مسائل خلافه مسألة: إذا طلقها بعد أن خلا بها وقبل أن يمسها اختلف الناس فيه على ثلاث مذاهب: فذهبت طائفة إلى أن وجود هذه الخلوة وعدمها سواء وترجع عليه بنصف الصداق ولا عدة عليها وهو الظاهر من روايات أصحابنا، وذهبت طائفة إلى أن الخلوة كالدخول يستقر لها المسمى وتجب عليها العدة وبه قال قوم من أصحابنا.
وروي في ذلك أخبار من طريق أصحابنا، ثم قال في استدلاله على ما اختاره رضي الله عنه في صدر المسألة: دليلنا قوله تعالى: وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم، ولم يستثن الخلوة فوجب حملها على عمومها، قال: ووجه الدلالة من الآية أنه لا يخلو من أن يكون المسيس عبارة عن اللمس باليد أو الخلوة أو الوطء، فبطل أن يراد بها اللمس باليد لأن ذلك لم يقل به أحد ولا اعتبره، وبطل أن يراد به الخلوة لأنه لا يعبر به عن الخلوة لا حقيقة ولا مجازا ويعبر به عن الجماع بلا خلاف فوجب حمله عليه على أنه أجمعت الصحابة على أن المراد بالمس في الآية الجماع، روي ذلك عن ابن مسعود وابن عباس، وروي عن عمر أنه قال: إذا أغلق الباب وأرخى الستر فقد وجب المهر ما ذنبهن إن جاء العجز من قبلكم، ومعلوم أن العجز من الزوج ولا يكون عن الخلوة ولا عن المس باليد ثبت أنه أراد به الإضافة، وأيضا قال تعالى في آية العدة: ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة، ولم يفصل وأيضا روايات أصحابنا قد ذكرناها في ذلك الكتاب المذكور وبينا الوجه فيما يخالفها، والأصل أيضا براءة الذمة فمن أوجب جميع المهر على الرجل أو العدة على المرأة بالخلوة فعليه الدلالة، هذا