فشكاها إلى أبيه زياد فدخل عليها بالدرة يضربها ويقول لها: أشغرا وفخرا.
ويستحب في النساء تقليل المهور لما روي في ذلك من الآثار، ويستحب أن لا يتجاوز بالمهر السنة المحمدية وهو خمس مائة درهم جياد وهو اثنتا عشرة أوقية ونش.
وهو بالنون المفتوحة والشين المعجمة المشددة، وهو عشرون درهما، وهو نصف الأوقية من الدراهم لأن الأوقية من الدراهم عند أهل اللغة أربعون درهما، فإني سألت ابن العصار ببغداد وهو إمام اللغة في عصره فأخبرني بذلك وقال: النش نصف الأوقية والأوقية من الدراهم أربعون درهما.
ومتى عقد الرجل على أكثر من ذلك بأضعاف كثيرة لزمه الوفاء به على الكمال على ما قدمناه فيما مضى.
وروي أنه يستحب للرجل أن لا يدخل بامرأته حتى يقدم لها مهرها، فإن لم يفعل قدم لها شيئا من ذلك أو من غيره من الهدية يستبيح به فرجها ويجعل الباقي دينا عليه.
هكذا ذكره شيخنا في نهايته.
قال محمد بن إدريس قوله رحمه الله يستبيح به فرجها غير واضح إنما الذي يستبيح به الفرج هو العقد من الإيجاب والقبول دون ما يقدمه من المال المذكور فإن تقديمه كتأخيره بلا خلاف.
ومتى سمى المهر حال العقد ودخل بها كان في ذمته، وإن لم يكن سمى مهرا وأعطاها شيئا قبل دخوله بها ثم دخل بها بعد ذلك لم تستحق عليه شيئا سوى ما أخذته منه قبل الدخول سواء كان ذلك قليلا أو كثيرا، على ما رواه أصحابنا وأجمعوا عليه فإن دليل هذه المسألة هو الاجماع المنعقد منهم بغير خلاف وفيه الحجة لا وجه لذلك إلا الاجماع.
فإن لم يعطها شيئا قبل الدخول بها ولم يسم مهرا في حال العقد ثم دخل بها لزمه مهر المثل، والمعتبر بمهر المثل راجع إلى النساء في الشرف والجمال والأحوال والعادات والبلدان والأزمان والثيبوبة والبكارة ما لم يتجاوز بذلك خمس مائة درهم جيادا، فإن كان مهور أمثالها أكثر من خمس مائة رد إلى الخمس مائة.