إجماع الفرقة وأخبارهم، هذا آخر كلامه رحمه الله في مسائل خلافه في الجزء الثاني وهو الذي اخترناه ويقوى عندنا لأن الأدلة تعضده من الكتاب والسنة والإجماع وليس على ما أورده من الرواية الشاذة في نهايته دليل. وقال في مبسوطه: وروي في بعض أخبارنا أنها إذا أسلمت لم ينفسخ النكاح بحال، فجعل القول الذي اعتمده في نهايته واستبصاره رواية ثم ضعفها بقوله: في بعض أخبارنا، ومعظم ما يسطره ويطلقه على هذا المنهاج والصفة وأيضا لو كانت صحيحة عنده لما قال في استدلاله في مسائل خلافه: دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم، وأيضا فيها ما يقضى على وهنها وضعفها لأنه قال: فإن كان الرجل بشرائط الذمة فإنه يملك عقدها غير أنه لا يمكن من الدخول إليها ليلا ولا يخلو بها، وهذا مما يضحك الثكلى إن كانت زوجته فلا يحل أن يمنع منها، ثم إن منع منها ومن الدخول إليها فإن نفقتها تسقط لأن النفقة عندنا في مقابلة الاستمتاع وهذا لا يتمكن من ذلك فتسقط النفقة عنه، والدليل على صحة ما ذهبنا إليه قوله تعالى: ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا، ومن ملكه عقدها فقد جعل له من أعظم السبيل عليها والله تعالى نفى ذلك على طريق الأبد بقوله: ولن، وأيضا فالإجماع منعقد على تحريم إمساكها ولم يجعل للكافر عليها السبيل وشيخنا أبو جعفر في نهايته محجوج بقوله في مسائل خلافه ومبسوطه.
ويكره للرجل أن يتزوج بامرأة فاجرة معروفة بذلك فإن تزوج بها فليمنعها من ذلك، وإذا فجرت المرأة عند الرجل لا ينفسخ نكاحها وكان مخيرا بين إمساكها وطلاقها والأفضل له طلاقها.
وقد قلنا إن شيخنا أبا جعفر ذكر في نهايته: أن الرجل إذا فجر بامرأة غير ذات بعل فلا يجوز له العقد عليها ما دامت مصرة على مثل ذلك الفعل، فإن ظهر له منها التوبة جاز له العقد عليها، وتعتبر توبتها بأن يدعوها إلى مثل ما كان منه فإن أجابت امتنع من العقد عليها وإن امتنعت عرف بذلك توبتها. إلا أنه رجع عن ذلك في مسائل خلافه فقال مسألة: إذا زنى بامرأة جاز نكاحها فيما بعد، وبه قال عامة أهل العلم. وقال الحسن البصري: لا يجوز. وقال قتادة وأحمد:
إن تابا جاز وإلا لم يجز. وروي ذلك في أخبارنا دليلنا إجماع الفرقة وأيضا الأصل الإباحة وأيضا