ع قال: لا يحرم الحرام الحلال، وقال تعالى: فانكحوا ما طاب لكم من النساء، وهذه قد طابت. وقال تعالى: أو ما ملكت أيمانكم، وهذه ملك يمين. والأصل الإباحة أيضا ولا يرجع عن هذه الأدلة القاهرة بأخبار الآحاد إذ لا إجماع منعقد على تحريم هذه الجارية على الأب ولا نص كتاب ولا سنة متواترة، ودليل العقل غير مانع من وطئها. وإلى هذا ذهب شيخنا أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه في كتابه من لا يحضره فقيه قال: وإن زنى رجل بامرأة أبيه أو امرأة ابنه أو بجارية أبيه فإن ذلك لا يحرمها على زوجها ولا تحرم الجارية على سيدها وإنما يحرم ذلك إذا كان ذلك منه بالجارية وهي حلال فلا تحل تلك الجارية أبدا لابنه ولا لأبيه، هذا آخر كلام ابن بابويه ونعم ما قال فإنه كان ثقة جليل القدر بصيرا بالأخبار ناقدا للآثار عالما بالرجال حفظة وهو أستاذ شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان.
وقد روي: أن من فجر بعمته أو خالته لم تحل له ابنتاهما أبدا، أورد ذلك شيخنا أبو جعفر في نهايته وشيخنا المفيد في مقنعته والسيد المرتضى في انتصاره، فإن كان على المسألة إجماع فهو الدليل عليها ونحن قائلون وعاملون بذلك، وإن لم يكن إجماع فلا دليل على تحريم البنتين المذكورتين من كتاب ولا سنة ولا دليل عقل، وليس دليل الاجماع في قول رجلين ولا ثلاثة ولا من عرف اسمه ونسبه لأن وجه الاجماع حجة عندنا دخول قول معصوم من الخطأ في جملة القائلين بذلك، فإذا علمنا في جماعة قائلين بقول أن المعصوم ليس هو في جملتهم لا يقطع على صحة قولهم إلا بدليل غير قولهم، وإذا تعين المخالف من أصحابنا باسمه ونسبه لم يؤثر خلافه في دلالة الاجماع لأنه إنما كان حجة لدخول قول المعصوم فيه لا لأجل الاجماع، ولما ذكرناه يستدل المحصل من أصحابنا على المسألة بالإجماع وإن كان فيها خلاف من بعض أصحابنا المعروفين بالأسامي والأنساب فليلحظ ذلك وليحقق.
وإذا تزوج الرجل بصبية لم تبلغ تسع سنين فوطئها قبل التسع لم يحل له وطؤها أبدا، وهو بالخيار بين أن يطلقها أو يمسكها ولا يحل له وطؤها أبدا، و ليس بمجرد الوطء تبين منه وينفسخ عقدها كما يظن ذلك من لا يحصل شيئا من هذا الفن ولا يفهم معنى ما يقف عليه من سواد الكتب.