غير أن قوما من أصحابنا ألحقوا ذلك بالموطوءة بالعقد والملك بالسنة والأخبار المروية في ذلك وفيها خلاف بين الفقهاء، هذا آخر كلامه في التبيان.
والذي يدل على صحة ما اخترناه أن الأصل الإباحة والخطر يحتاج إلى دليل، وقوله تعالى:
فانكحوا ما طاب لكم من النساء، هما داخلتان في عموم الآية، وقول الرسول ع:
لا يحرم الحرام الحلال، ولا إجماع على ما ذهب إليه من خالف في هذه المسألة فلا يرجع عن هذه الأدلة بأخبار الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا.
ويحرم على الأب زوجة الابن سواء دخل بها الابن أو لم يدخل، ويحرم على الابن زوجة الأب أيضا سواء دخل بها أو لم يدخل بمجرد العقد تحرم المرأتان تحريم أبد.
وقال بعض أصحابنا: يحرم على كل واحد منهما العقد على من زنى بها الآخر، وتمسك في التحريم على الابن بقوله تعالى: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء، وقال: لأن لفظ النكاح يقع على العقد والوطء معا.
قال محمد ابن إدريس: وهذا تمسك ببيت العنكبوت لأنه لا خلاف أنه إذا كان في الكلمة عرفان، عرف اللغة وعرف الشرع كان الحكم لعرف الشرع دون عرف اللغة، ولا خلاف أن النكاح في عرف الشرع هو العقد حقيقة وهو الطارئ على عرف اللغة وكان ناسخا له، والوطء الحرام لا ينطلق عليه في عرف الشرع اسم النكاح بغير خلاف.
قال شيخنا أبو جعفر في كتاب العدة: إن النكاح اسم للوطء حقيقة، ومجاز في العقد لأنه موصل إليه وإن كان بعرف الشرع قد اختص بالعقد كلفظ الصلاة وغيرها، هذا آخر كلامه في عدته فقد اعترف أنه قد اختص بعرف الشرع بالعقد، وأيضا قوله تعالى: إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن، فقد سمى به تعالى العقد نكاحا بمجرده.
وذهب الباقون من أصحابنا إلى أن ذلك لا يحرم على كل واحد منهما ما فعله وهذا مذهب شيخنا المفيد والسيد المرتضى وهذا الصحيح الذي يقوى في نفسي لأن الأصل الإباحة ويعضده قوله تعالى: فانكحوا ما طاب لكم من النساء، وهذه قد طابت والأول مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي في بعض كتبه، وقول الرسول ع: لا يحرم الحرام الحلال، دليل على صحة