ويمكنه سقي الوديعة منه فأخرجها إلى بئر ليسقيها كان عليه الضمان لأنه أخرجها من غير حاجة إلى اخراجها ولا عذر له في ذلك، وإن لم يكن في داره بئر ولا نهر فأخرجها إلى موضع جرت العادة في بلده باخراج الدواب إليه ليسقي منه من بئر أو نهر فحدث بها حادث لم يكن عليه ضمان، فإن كان المودع أطلق الأمر ولم يذكر للمودع سقيا ولا علفا لزمه ذلك لأن العادة جارية بأن السقي والعلف لا بد منه، فإن أمره بأن لا يعلفها ولا يسقيها فهلكت من تركه لذلك لم يكن عليه ضمانها وإن كان هو آثما في تركه القيام بها وقبول أمر صاحبها بترك ذلك، ويجري ذلك مجرى أمره له بأن يقتل عبده فقتله في أنه يكون آثما بقبول أمره بقتله وسقوط ضمانه له.
وإذا كانت الوديعة من الإبل والبقر والغنم أو غير ذلك من الحيوان وصاحبها غائب فأنفق المستودع بغير أمر الحاكم كان متطوعا، فإن رفع أمره إلى الحاكم وأثبت عنده أن الوديعة وديعة لزيد الغائب أمره الحاكم بالنفقة عليها فتكون هذه النفقة دينا له على صاحب الوديعة ويجوز له مطالبته، فإذا حضر وطالب ألزمه الحاكم الخروج إليه منها، فإن اجتمع عنده من ألبانها شئ وخاف فساده أو كانت نخلا فاجتمع عنده من ثمرها شئ فباع ذلك بغير أمر صاحب الوديعة وهو في البلد كان ذلك ضامنا لذلك وإن باع بأمر الحاكم وهلك الثمن لم يكن عليه ضمان، وإذا ادعى المستودع أنه أنفق الوديعة على أهل المودع بأمره وصدقه أهله في ذلك وأنكر صاحب الوديعة ذلك وقال: لم آمرك بإنفاقها على عيالي، كان القول قول صاحب الوديعة مع يمينه وكذلك الحكم إذا ادعى المستودع أن صاحب الوديعة أمره بالصدقة.
وإذا أودع انسان عند غيره وديعة وشرط عليه أن لا يخرجها من موضع عينه ولا فرق في أن يكون الموضع مكانا أو بلدا أو قرية فنقلها من ذلك الموضع، فإن كان نقلها لضرورة مثل الخوف عليها من حريق أو نهب أو غرق لم يكن عليه ضمانها وإن كان نقلها لغير ضرورة كان عليه ضمانها، فإن نقلها وادعى أنه لم ينقلها إلا لأجل الخوف من النهب والحريق لم يقبل قوله إلا ببينة تشهد له بذلك، فإن ادعى هلاكها بسرقة أو