زوجته أو غير زوجته ثقة أو غير ثقة، فأما إذا لم يقدر عليه وأراد السفر فلا بأس بأن يودعها عند من يثق بديانته، ولا يجوز له دفنها من غير وصية بها إلى غيره واستئمان منه عليها وإيداع الغير.
إذا أخرج الوديعة لمنفعة نفسه لا لمنفعة صاحبها مثل أن يكون ثوبا وأراد أن يلبسه أو دابة فأراد ركوبها فإنه يضمن بنفس الإخراج، فأما إذا نوى أن يتعدى أو يخرجها ولم يفعل ذلك فإنه لا يضمن بالنية حتى يتعدى.
وإذا أودع غيره حيوانا ولم يأمره بأن يسقيه ولا يعلفه ولا نهاه لزمه الانفاق عليه وسقيه وعلفه، ويرجع على صاحبه بذلك. إذا أشهد بأنه يرجع عليه بذلك، لأنه إذا أطلق عرف بفحوى الخطاب أمره بالسقي والعلف لأن العادة جارية بأن الدابة تسقى وتعلف فوجب حمل ذلك على العرف وإن لم يتلفظ به لأنه عرف من فحوى الخطاب.
وإذا أودع انسان وديعة عند انسان وقال له: ادفعها إلى فلان أمانة ووديعة، فادعى المودع أنه دفعها إليه وأنكر المودع الثاني أنه يكون دفعها إليه، وقال المودع الأول لصاحبها:
أنا امتثلت أمرك ودفعتها إليه، فالقول قوله مع يمينه وتعود المحاكمة بين صاحبها وبين المودع الثاني، فإن اعترف فذاك، وإن أنكر الإيداع فالقول قول المودع الثاني أيضا لأن المودع مؤتمن فوجب أن يكون القول قوله، كما أنه لو ادعى أنه ردها على المودع الذي هو صاحبها فإن القول قوله في ذلك.
إذا خلط الوديعة بماله خلطا لا يتميز مثل أن يخلط دراهم بدراهم أو دنانير بدنانير أو طعاما بطعام فإنه يضمن سواء خلطها بمثلها أو أرفع منها أو أدون منها، وعلى كل حال. لأنه قد تعدى فيها بالخلط بدلالة أنه لا يمكنه أخذ ماله بعينه فوجب عليه الضمان.
وإذا كان عنده وديعة فادعاها نفسان فقال المودع: هي لأحدهما ولا أعلم عين صاحبها، وادعى كل واحد منهما علمه بذلك لزمه يمين واحدة بأنه لا يعلم لأيهما هي، فإذا حلف وبذل كل واحد من المتداعيين اليمين أنه له استخرج واحد منهما بالقرعة فمن خرج اسمه حلف وسلمت إليه لأنه أمر مشكل.