عليك، كان القول قول صاحب المال وعلى الذي عنده المال البينة أنه وديعة، فإن لم يكن له بينة وجب عليه رد المال، فإن هلك كان ضامنا، فإن طالب صاحب المال باليمين أنه لم يودعه ذلك المال كان له، وقد قدمنا ذلك فيما مضى وحررناه.
هكذا أورده شيخنا أبو جعفر في نهايته في باب الرهن والوديعة، الوجه في الموضعين معا عندي أن يكون المدعى عليه قد وافق المدعي على صيرورة المال إليه وكونه في يده، ثم بعد ذلك ادعى: أنه وديعة لك عندي، فلا يقبل قوله ويكون القول قول من ادعى أنه دين لأنه قد أقر بأن الشئ في يده أولا وادعى كونه وديعة، والرسول ع قال: على اليد ما أخذت حتى ترده، وهذا قد اعترف بالأخذ والقبض وادعى الوديعة وهي تسقط الحق الذي أقر به لصاحب المال فلا يقبل قوله في ذلك. فأما إذا لم يقر بقبض المال أولا بل ما صدق المدعي على دعواه بأن له عنده مالا دينا بل قال: لك وديعة عندي كذا وكذا، فيكون حينئذ القول قوله مع يمينه لأنه ما صدقه على دعواه ولا أقر أولا بصيرورة المال إليه، بل قال: لك عندي وديعة، فليس الإقرار بالوديعة إقرارا بالتزام شئ في الذمة فليلحظ ذلك ففيه غموض.
ومتى تصرف المودع في الوديعة كان متعديا وضمن المال، فإن ردها أو رد مثلها إلى المكان من غير علم من صاحبها لم تبرأ بذلك ذمته وكان ضامنا كما كان إلا أن يردها على صاحبها ويجعلها عنده وديعة من رأس على ما أسلفناه فيما مضى.
ومتى مات المستودع وجب رد الوديعة إلى ورثته عند المطالبة منهم، فإن كان واحدا سلمها إليه، وإن كانوا جماعة لم يسلمها إلا إلى جماعتهم أو إلى واحد يتفقون عليه، فإن لم يتفقوا على ذلك قال بعض أصحابنا: أو يعطي كل ذي حق حقه، والأولى رفعها إلى الحاكم لأن الودعي لا يجوز له قسمتها، فإن سلمها إلى واحد منهم بغير رضاء الباقين كان ضامنا لحصتهم على الكمال.
وليس للمودع أن يسافر بالوديعة سواء كان الطريق مخوفا أو غير مخوف وسواء كانت المسافة قريبة أو بعيدة.
والمودع متى أودع الوديعة عند غيره مع قدرته على صاحبها فإنه يكون ضامنا سواء أودع