لو كان الملاك هو عدم التمكن عرفا - فمن لم يكن متمكنا ومستغنيا عند العرف فليس بمحصن وأيضا الزاني الذي كانت زوجته حائضا كذلك - ففيه أن عدم تمكنه من الوطئ أيام الحيض إنما هو بحكم الشرع ولو كان هو معتنيا بحكم الشرع بحيث يترك الوطي في أيام الحيض فكيف يرتكب الزنا ولا يبالي بحرمته مع أن الزنا أيضا كالوطي في الحيض بل الزنا أشد وأعظم شرعا وعقوبة وعلى الجملة فمن كان غير متمكن من الوطي بواسطة حكم الشرع فيأوى إلى حرام أعظم أي الزنا لا يصدق عليه أنه غير متمكن إلا أن يكون بحيث تمنعه زوجته عن الوطي في حال الحيض ولا قدرة له على الغلبة عليها.
هذا كله مضافا إلى أن من كانت له زوجة دائمة أو أمة مملوكة فهو متمكن عرفا من دفع شهوته وقضاء وطره بها ومجرد كونه ممنوعا في أيام خاصة لا يخرجه عن كونه متمكنا ومستغنيا عن الحرام.
اللهم إلا أن يؤخذ بلفظ يغدو عليه ويروح ويقال باعتبار التمكن الفعلي جمودا على ظاهر اللفظ لكن الظاهر أنه كما لا يعتبر في التمكن، التمكن العقلي كذلك لا يعتبر التمكن الفعلي بهذا النحو أي بحيث لا يكون له أي مانع حتى الحيض بل المراد هو التمكن العرفي وهو لا ينافي الحيض ولعل الأخبار بتعابيرها المختلفة تفيد ذلك أيضا.
هذا وقد عرفت أن كلماتهم رضوان الله عليهم أجمعين في حد الاحصان من حيث الحضور والغيبة ومن حيث مكان الغيبة وطول زمانها ومن حيث التمكن غدوا ورواحا أو التمكن في كل زمان أو مطلق التمكن مختلفة.
وأما الأخبار ففي بعضها: (ما يغنيه) وذلك كموثقة إسحاق بن عمار قال: سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل إذا هو زنى وعنده السرية والأمة يطأها تحصنه الأمة وتكون عنده؟ فقال نعم إنما ذلك لأن عنده ما يغنيه عن