ثم قال بعد أسطر: ولكن مع ذلك أن لم يكن اجماعا لا يخلو من نظر خصوصا مع عود النفع إلى المباشر باعتبار مباشرته الاتلاف وإن رجع هو على المكره بل قد يقال: إن القاعدة تقتضي اختصاص الضمان بالمباشر الذي هو المكره (1)..
أقول: فرق بين مسئلتنا وما في كتاب الغصب فإن البحث هناك كان في المتلف المكره وكان يصح القول بضمان المتلف حيث إنه سبب أقوى بخلاف المقام حيث إن المباشر مختار غير مكره وإنما أكرهت المرأة باكراه الغير ولا وجه لضمان المكره مع اختيار المباشر.
وتحقيق الكلام إن اكراه الغير لا الزاني على الزنا يتصور على ثلاثة وجوه: الأول أن يكون المكره قد أكره الرجل خاصة على الزنا دون المرأة وإنما هي زنت باختيارها.
الثاني أن يكون قد أكره المرأة خاصة عليه دون الرجل.
الثالث أن يكون قد أكره كليهما على الزنا.
فلو كان مراده قدس سره هو الفرض الأول فيرد عليه أنه حينئذ تكون المرأة زانية ولا مهر لها أصلا فكيف يطرح النزاع في أن المهر على الزاني أو على المكره.
ولو كان المراد هو الثاني وهو ما إذا أكرهت المرأة خاصة ففيه أن لازم ذلك هو ثبوت المهر على الزاني لأنه قد باشر الزنا باختياره بلا أي اكراه ولا وجه أصلا لاحتمال كون المهر على المكره، وهذا نظير ما إذا حبس رجلا وأتلف آخر ماله فإنه لا اشكال في كون الضامن هو المباشر المتلف دون الحابس الذي حبس صاحب المال ولم يخل سبيله فإن المباشر أقوى في المقام.
نعم لو كان مراده هو الفرض الثالث وهو اكراه المكره كليهما على الزنا فهناك يصح الدعوى في أن المهر على المكره أو على الواطي ويجري هذا البحث ولعل الأقوى حينئذ كونه على المكره الذي هو السبب فهو الضامن له دون المباشر للوطي لكن هذا الوجه ليس الظاهر من مفروض كلامه.