فحفر له وصلى عليه ودفنه (1).
ويشهد لما ذكرناه ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال:
الذي يجب عليه الرجم يرجم من ورائه ولا يرجم من وجهه لأن الرجم والضرب لا يصيبان الوجه وإنما يضربان على الجسد على الأعضاء كلها (2).
وذلك لأنه إذا دفن في الأرض خصوصا لو كان بحيث دفن إلى ثدييه أو منكبيه فلم يبق من جسده حتى يقال: إنما يضربان على الجسد على الأعضاء كلها، فلا بد أن يكون المراد من الدفن والستر هو نفس الستر في الأرض.
والانصاف أن اثبات إرادة مجرد الستر في الحفيرة مشكل، والظاهر أن المراد من دفن المرجوم الوارد في الروايات هو مواراته إلى الموضع المعتبر، في الحفيرة رد التراب عليه.
وأما قوله عليه السلام في رواية محمد بن مسلم: وإنما يضربان على الجسد على الأعضاء كلها، فلا ينافي ما ذكرناه وذلك لأن الضرب على الأعضاء كلها، كان قد وقع عقيب قوله: لا يصيبان الوجه ويؤكد عدم وقوع الضرب على الوجه والرأس لا أن يكون العناية على وقوع الضرب على كل موضع موضع من جسده.
وأما منافاة الدفن بهذا المعنى للفرار الذي يكون في من ثبت زناه بالاقرار موجبا لتخلية سبيله. ففيه أن رد التراب وطمه لا ينافي الفرار باعمال شدة وقوة ولا يجب تسهيل سبيل الفرار على المحكوم بالرجم وإنما المسلم هو أنه لو فر يترك بحاله ويخلى سبيله لا أزيد من ذلك ولا أكثر.
وأما الحد والمقدار الذي ينزل ويجعل من المرجوم في الحفيرة فالأخبار المتعرضة لذلك مختلفة منها ما اقتصر فيه على ذكر دفن المرأة إلى وسطها وذلك كرواية أبي بصير، ولا تعرض فيها للرجل أصلا، ومنها ما يدل على أنه تدفن المرأة إلى وسطها ولا يدفن الرجل إلا إلى الحقوين وذلك كرواية سماعة، ومنها ما ورد في فعل أمير المؤمنين عليه السلام من أنه دفن المرأة المقرة بالزنا إلى الحقوين