أما الأول فلأن العبارة ظاهرة في القذف ونسبة الزنا إليها وهتك حرمتها عند العرف ولا يدرء هذا الحد باحتمال أنه يريد خصوص زنا نفسه عمدا دون المرأة وذلك لأن هذا الحد مجعول حقا للمقذوف وما كان يدرء هو خصوص حق الله تعالى، وعلى الجملة فللعبارة ظهور عرفي في نسبة الزنا إليها أيضا وإن كان لا ملازمة بينهما إلا أن العرف يفهم منها أنه نسبها إلى الزنا.
وأما الثاني: فلأن ما هو صريح العبارة هو نسبة الزنا إلى نفسه دونها ولا ملازمة بينهما أصلا لاحتمال الاشتباه والاكراه في ناحيتها ولا تدل قوله:
زنيت بفلانة على زناء المرأة بواحدة من الدلالات الثلاثة المطابقة والتضمن والالتزام فإن زناء المرأة غير زناء الرجل وليس عينه ولا جزءا منه ولا لزاما له نعم يعزر القائل لأن الكلام المزبور هتك للمرأة عرفا.
واستوجه في المسالك الوجه الأول فإنه بعد ذكر الوجهين وتقريرهما قال: والوجه ثبوت القذف بالمرأة مع الاطلاق لأنه ظاهر فيه والأصل عدم الشبهة والاكراه.
قوله قدس سره: (مع الاطلاق) يعني مع عدم تعرضه للشبهة أو الاكراه بالنسبة إليها فحيث لم يلحق بكلامه قرينة تدل على عدم التعمد والاختيار فهو في نفسه ظاهر في وقوعه عن اختيار وعلى هذا فقد نسب إليها زناها عن اختيارها، وليس المراد من الاطلاق هو الشمول لكليهما واحتمال الاختيار والاكراه.
وأما ما أفاده من أن الأصل عدم الشبهة والاكراه فهذا لم يعلم وجهه ولم يتضح مراده لأنه لو كان المراد جريان الأصل بالنسبة إلى فعل المرأة فأصالة عدم الشبهة أو الاكراه الجارية في فعلها لا تعلق لها بنسبة الزنا الصادرة عن الرجل ولا مساس لذلك بقذفه فإن هذه قد تتحقق بدون وقوع الزنا في الخارج أصلا ويترتب على قذفه الحد.
هذا مضافا إلى أن الزنا الواقع في الخارج مردد بين الاختياري والاكراهي ولا يمكن اثبات ضد بنفي ضده فإنه من الأصول المثبتة حيث إن