فلا يعزب عنه مثقال ذره في السماوات ولا في الأرض وهذا من العجائب التي يحتاج تصورها إلى لطف قريحة.
واما كيفية ذلك فلانه إذا عقل ذاته وعقل انه مبدء كل موجود عقل أوائل الموجودات عنه وما يتولد عنها ولا شئ من الأشياء يوجد الا وقد صار من جهة ما يكون واجبا بسببه وقد بينا هذا فيكون هذه الأسباب تتأدى بمصادماتها إلى أن يوجد عنها الأمور الجزئية فالأول تعالى يعلم الأسباب ومطابقاتها ويعلم ضرورة ما تتأدى إليها وما بينها من الأزمنة وما لها من العودات لأنه ليس يمكن ان يعلم تلك ولا يعلم هذه فيكون مدركا للأمور الجزئية من حيث هي كليه.
وقال أيضا ولا يظن أنه لو كانت للمعقولات عنده صور وكثرة كانت كثره الصور التي يعقلها اجزاء لذاته كيف وهي تكون بعد ذاته لان عقله لذاته ذاته ومنه يعقل ما بعده فعقله ما بعد ذاته معلول عقله لذاته على أن المعقولات والصور التي له بعد ذاته انما هي معقولة على نحو المعقولات العقلية لا النفسانية (1) وانما له إليها اضافه المبدء الذي يكون عنه لا فيه بل إضافات على الترتيب بعضها قبل بعض وان كانت معا لا تتقدم ولا تتأخر في الزمان فلا يكون هناك انتقال في المعقولات قال فيكون العالم الربوبي محيطا بالوجود الحاصل والممكن وتكون لذاته اضافه إليها من حيث هي معقولة لا من حيث لها وجود في الأعيان فبقي لك (2) النظر في حال وجودها معقولة انها تكون موجودة في ذات الأول كاللوازم التي تلحقه ويكون لها وجود مفارق لذاته وذوات غيره كصور مفارقه على ترتيب موضوعه في صقع الربوبية (3) أو من حيث هي موجودة في عقل أو نفس