الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٣٦٨
منتهية إليه سبحانه بخلاف الأشاعرة فإنهم يسدون باب التعليل مطلقا وبخلاف المعتزلة أيضا فإنهم يثبتون في فعله المطلق غرضا غير ذاته وكلا القولين زيغ عن الصواب وفيما ذهبت إليه الحكماء يثبت سر التوحيد في الوجود حسب ما عرفه وأفاده العارفون وقد أقمنا البرهان عليه من سبيل المبدئية والفاعلية وهيهنا يقام عليه من سبيل الآخرية والغائية لان كمال كل شئ هو نفسه وهكذا كمال الكمال وتمام التمام إلى آخر الكمالات الذاتية وتمام التمامات الوجودية دفعا للدور والتسلسل فكل شئ هالك الا وجهه وبه يتحقق سر القيامة الكبرى (1) وسر قوله تعالى لمن الملك اليوم لله الواحد القهار وما ادعاه العارف المحقق من الفناء والبقاء وما ذهب إليه فرفوريوس من اتحاد العاقل بالعقل الفعال وما روى عن خير البشر ص من قوله لي مع الله وقت لا يسعني فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل وانه ص من جمله الأنبياء المرسلين سلام الله عليهم أجمعين الفصل (10) في حكمته تعالى وعنايته وهدايته وجوده قد علمت أن الحكمة هي أفضل علم بالمعلومات واحكم فعل في المصنوعات وواجب الوجود يعلم من ذاته كل شئ من الأشياء بعلله وأسبابه ويفعل النظام الأتم لغاية حقيقية يلزمه فهو بهذا المعنى حكيم في علمه محكم في صنعه وفعله فهو الحكيم المطلق وقد علمت أن هذا العلم بعينه سبب وجود الأشياء وإرادة ايجادها من غير أن يكون المنظور إليه في الايجاد شئ سافل وغرض غير حاصل في ذات

(1) لأنها القيام عند الله الواحد القهار للكل وقد عرفت في الحاشية السابقة ان الكل يفدون على باب الأبواب وهو الانسان الكامل وهو يقوم بين بدى الله فيدخلون في دين الله أفواجا وكما أن كل واحد يرتقون إلى جنابه فالكل كذلك ما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحده و أيضا إذا بدل الانسان الكامل فأشرقت الأرض بنور ربها بدل الكل لان الكل كاجزاء ذاته فحشر الكل إلى الله بتبعية حشره إليه - س قده.
(٣٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 ... » »»
الفهرست