التقاديس وذلك لان شانه إفاضة الوجود على كل موجود والوجود كله خير محض كما علمت وهو المجعول والمفاض والشرور والاعدام غير مجعولة وكذا المهيات ما شمت رائحة الوجود كما مر مرارا فعين الكلب نجس والوجود الفائض عليه بما هو وجود طاهر العين وكذا الكافر نجس العين من حيث مهيته وعينه الثابت لا من حيث وجوده لأنه طاهر الأصل وانما اختلطت الوجودات بالاعدام والظلمات لبعدها عن منبع الجود والنور كالنور الشمسي الواقع على القاذورات والأرجاس والمواضع الكثيفة فإنه لا يخرج من النورية والصفا بوقوعه عليها ولا يتصف بصفاتها من الرائحة الكريهة وغيرها الا بالعرض فكذلك كل وجود من حيث كونه وجودا أو اثر وجود خير وحسن ليس فيه شرية (1) ولا قبح ولكن الشرية والقبح من حيث نقصه عن التمام ومن حيث منافاته لخير آخر وكل من هذين يرجع إلى نحو عدم والعدم غير مجعول لاحد والحمد لله العلى الكبير.
فهذا حاصل الكلام في تقرير هذا المذهب ومعرفة النفس وقواها أشد معين على فهم هذا المطلب فان فعل الحواس والقوى الحيوانية والطبيعية كلها فعل النفس كما هو التحقيق مع أنها فعل تلك القوى أيضا بالحقيقة لا بمعنى الشركة بين الفاعلين في فعل واحد كما يوجد في أفعال الفاعلين الصناعيين انه قد يقع الشركة بين اثنين منهم في فعل واحد كالخياطة ونحوه ولا شبهه في أن المذهب الرابع عظيم الجدوى شديد المنزلة لو تيسر الوصول إليه لاحد ينال الغبطة الكبرى والشرف الأتم وبه يندفع جميع الشبه الواردة على خلق الأعمال وبه يتحقق معنى ما ورد من كلام امام الموحدين على ع لا جبر ولا تفويض بل امر بين الامرين إذ ليس المراد منه ان في فعل العبد تركيبا من الجبر والتفويض ولا أيضا معناه ان فيه خلوا عنهما ولا انه اختيار من جهة واضطرار من جهة أخرى ولا انه مضطر في صوره الاختيار كما وقع