والواجب عليه إذا كان لذاته لا لعروض شئ يتعدى إلى الأنواع فإذا احتاجت أنواع مقولة إلى غيرها لزم الامكان على الجنس فلو دخل واجب الوجود تحت المقولة للزم فيه جهة امكانية باعتبار الجنس فما كان واجبا بل ممكنا وهو محال فإذا استحال كون الواجب تحت مقولة فلم يجز ان يكون ذا مهية فكان وجودا بحتا وهو المطلوب الفصل (6) في توحيده أي انه لا شريك له في وجوب الوجود قد سبق منا طريق خاص عرشي في هذا الباب لم يتفطن به أحد من قبلي ذكرته في القسم الأول الذي في العلم الكلى وضوابط احكام الوجود وسنشير هيهنا إلى مسلك شريف آخر قريب المأخذ من ذلك.
والذي استدل به في المشهور على هذا المقصد هو انه لو تعدد الواجب لذاته فلا بد من امتياز كل منهما عن الاخر فاما ان يكون امتياز كل منهما عن الاخر بذاته (1) فيكون مفهوم واجب الوجود محمولا عليهما بالحمل العرضي وكل عارض معلول للمعروض فرجع إلى كون كل منهما علة لوجوب وجوده وقد بان بطلانه واما ان يكون الامتياز بالامر الزائد على ذاتيهما فذلك الزائد اما ان يكون معلولا لذاتيهما وهو مستحيل لان الذاتين ان كانتا واحده كان التعين أيضا واحدا مشتركا فلا تعدد لا ذاتا و لا تعينا والمفروض خلافه هذا خلف وان كانتا متعددة كان وجوب الوجود أعني الوجود المتأكد عارضا لهما وقد تبين فيما سبق بطلانه من أن وجود الواجب لا يزيد على ذاته واما ان يكون معلولا لغيرهما فيلزم الافتقار إلى الغير في التعين وكل مفتقر إلى غيره في تعينه يكون مفتقرا إليه في وجوده فيكون ممكنا لا واجبا.
ويرد عليه ان معنى قولكم وجوب الوجود عين ذاته ان أردتم به ان هذا المفهوم المعلوم لكل أحد عين ذاته فهذا مما لا يتفوه به رجل عاقل وان أردتم كون ذات الواجب بحيث يكون بذاته مبدء انتزاع الوجود بخلاف الممكنات إذ ذاتها